ليس صحيحاً، وعلى الإطلاق، ان مفاوضات يوم الأحد الماضي بين محمود عباس أبو مازن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت قد فشلت، فهذا الاجتماع الذي ربما ارتطم بقضية القدس فعلاً ستتلوه اجتماعات أخرى، قد تكون جميعها سرية ووراء أبواب موصدة، ومن الآن وحتى موعد انعقاد الجمعية العمومية، التي من المفترض ان تنعقد في الثالث والعشرين من هذا الشهر، والهدف هو تنفيذ تعهد لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال زيارتها الأخيرة الى القدس (الغربية) ورام الله يقضي بضرورة توصل الطرفين الفلسطينيين والإسرائيليين الى اتفاق إطار سيقوم الرئيس جورج بوش بإعلانه من خلال الخطاب الذي سيلقيه في مبنى الأمم المتحدة، أثناء اجتماع هذه الجمعية بعد أيام.
خلال لقاءاتها الأخيرة مع الفلسطينيين والإسرائيليين حددت رايس الخريطة العامة لاتفاق الإطار هذا، ولكن بطريقة «شفوية»، ومن دون ان تقدم أي شيء مكتوبا،ً وهي طلبت مــن محمود عباس (أبو مازن) ومن أيهود أولمرت بتكثيف الاجتماعات التي سيشارك فيها مسؤول كبير من الخارجية الأميركية، خلال الأيام المتبقية حتى اجتماع الجمعية العمومية هذا المشار إليه، الى ان يتم الاتفاق على خريطة لهذا الإطار الذي ستتابعه الإدارة المقبلة سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية والفشل ممنوع ولابد من ان يذهب بوش الى الأمم المتحدة بهذه الخريطة! وهكذا فإن كل ما قيل عن فشل مفاوضات يوم الأحد الماضي بين «أبو مازن» وأولمرت غير صحيح فهذا الاجتماع هو فاتحة سلسلة اجتماعات «ماراثونية» والمؤكد، أنه سيتم التوصل الى اتفاق إطار قد يترك مسألة القدس ومسائل رئيسية أخرى معلقة لكنه سيحسم أموراً رئيسية وأساسية أخرى من بينها: ان القسم الشرقي من المدينة المقدسة جزء من الأراضي التي احتلت في عام 1967 وأن المستوطنات والاستيطان سبب رئيسي في إعاقة عملية السلام وأن الدولة المستقلة يجب ان تقوم على حدود ما كان قائماً قبل حرب يونيو المعروفة. إن هناك تقدمّاً فعلياً كان قد أحرزه المتفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون خلال جولات المفاوضات السابقة، وأنه أكثر من مؤكد ان الأيام المقبلة منذ الآن وحتى اجتماع الجمعية العمومية المقبل سوف تشهد المزيد من التقدم، فالإدارة الأميركية الراحلة عن البيت الأبيض قريباً بحاجة الى إنجاز بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط، ومعركة الانتخابات الرئاسية المحتدمة الآن بالنسبة الى الجمهوريين بحاجة الى مثل هذا الإنجاز، وإذا قالت رايس فصدقوها فإن القول ما قالت رايس.وهنا فإنه لابد من وضع كل ما يقال عن إرسال قوات عربية الى غزة في هذه الدائرة فمصر مصممة على إرسال وحدات من جيشها لتضبط الأمور في «القطاع» وليتم بعد ذلك توحيد الحالة الفلسطينية وإنهاء كل المبررات الإسرائيلية لتعطيل العملية السلمية. * كاتب وسياسي أردني
مقالات
إذا قالت رايس فصدقوها!
03-09-2008