غداً يبدأ مجلس الأمة الثالث عشر جلساته، ولربما تتحول الجلسة إلى حفلة زار، ويدفع بعض النواب بأولوياتهم، والتي ستكون في أغلبها خارج دائرة اهتمامنا.

Ad

من المؤكد أن نواب ونائبات المجلس سيصلون اليه بالسيارة، وكذلك الوزراء وحوالي الف مدعو، فحسب علمي أنه لن يصل أي منهم بالهليكوبتر أو مشياً على الأقدام.

ومع ذلك لا أظن أن أياً من الأعضاء الأفاضل أو الوزراء سيهتمون من قريب أو بعيد بحجم الأذى والرعب الذي صرنا نتعرض له في الطريق، وكيف قد يتحول مجرد مشوار بين البيت والعمل إلى ساحة حرب، حرب شوارع.

ففي تلك الساحة، فقدنا بالأمس إنساناً راقياً عزيزاً على قلوبنا هو الدكتور عباس معرفي، بسبب حادث سيارة تافه، كل ذنبه وجريرته أنه كان يريد استخدام سيارته.

فهل أصبحت ارواح البشر عندنا بهذا الرخص، فلم تعد تستثير أحدا؟ ولم يفكر، ولا يبدو أن أحداً سيفكر، في الوضع المزري والمأساوي الذي وصلت اليه حالة الاستهتار السائدة في شوارعنا. رحم الله دكتور عباس معرفي وألهم ذويه الصبر والسلوان.

وبالامس القريب، كاد صديقنا احمد الشراح أن يلقى ذات المصير لمجرد أن شابا متهورا يرغب في استعراض مهاراته بالحركات البينية على الطريق السريع، مسبباً حادثاً مروعاً لن يبرأ من نتائجه المأساوية لوقت طويل، نسأل الله له الشفاء العاجل، وأن يعينه على القادم من الأيام.

حكاية د. عباس معرفي وأحمد الشراح هي حكاية مكررة، ومستمرة، حيث يموت على الأسفلت المئات سنوياً، ويتشوه ويتكسر الآلاف دون جدوى، وكم فَقد أناس أحبتهم على طرق الموت.

عندما تقود سيارتك فعليك أن تتوقع كل شيء، بل كما تقول العبارة «توقَّعْ غير المتوقع»، لا تعرف من أين تخرج لك الأباليس، فتارة يمينا وتارة يسارا، وتارة من فوق، وربما حتى من تحت، في خرق لجميع القواعد واللوائح والقوانين والنظم، ولا تدري عندما تخرج إلى عملك إن كنت ستعود سليما معافى أم منقولا على الآلة الحدباء والعياذ بالله.

حرب الشوارع الدائرة يومياً لابد أن تحتل الأولوية الأولى لدى مجلس الأمة والحكومة، فهي حرب إبادة حقيقية يقودها مستهترون، وعجز حكومي، وتواطؤ برلماني من خلال الصمت أو التكالب لإخراج مستهتر من الجماعة قد يكون تسبب في مقتل وجرح وتدمير مستقبل أسر بكاملها.

شكِّلوا فرق عمل أو لجاناً تجعل من شوارعنا آمنة بدلا من الجعجعة المعهودة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وعندما نحزن اليوم لفقدان د. عباس معرفي، فقد حزنا بالأمس على أحباء آخرين، ولا يكاد يخلو بيت من حبيب أو عزيز فُقد على طرق الموت المرصوفة، فهل أصبح قدرنا أن نتساقط فردا تلو الآخر، وننتظر على تلك الطرق المشؤومة دورنا المحتوم، فمن يا ترى سيكون الضحية القادمة، ربما أكون أنا أو أنت، وليحفظ الله الجميع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء