حينما فشلت المساعي بين القائد المغولي هولاكو خان، والخليفة العباسي المستعصم، بمنع الحرب وتجنب المواجهة، عقد هولاكو النية على احتلال بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية، فأعطى أوامره بانتقال جيوش جرماجون وبايجو نوبان من معاقلهما في آسيا الصغرى، وأن تسير على ميمنة الجيوش الزاحفة على بغداد إلى الموصل عن طريق أربيل، ثم تعبر جسر الموصل وتعسكر في الجانب الغربي من بغداد، حتى إذا جاءت الجيوش من المشرق تخرج إليها من هذه الناحية، ويزحف على رأس الجناح الأيسر كل من كيتوبوقا، وقدسون، وترك إيلكا ـ كبار قادة هولاكو ـ من حدود إيران باتجاه بغداد مباشرة.

Ad

أما هولاكو نفسه فقد كان على رأس قلب الجيش، وتحرك في أوائل المحرم سنة 655هـ الموافق 18 يناير 1258م نحو نهر دجلة، ومر هولاكو في طريقه على مدينة كرمنشاة فدمرها على طريقة المغول التقليدية، وتعمد هولاكو بهذا التدمير البربري إلقاء الرعب في النفوس، ورسالة إنذار للبغداديين بسوء المصير المنتظر.

عسكر قلب الجيش على شاطئ نهر حلوان في التاسع من شهر ذي الحجة، وأقاموا هناك حتى الثاني والعشرين منه، حتى يتمكن جيش كيتو بوقا من إنجاز مهامه، والوصول إلى مواقعه المتفق عليها في الوقت المحدد، كما تمكنت عدة فرق أخرى من عبور نهر دجلة في الوقت المقرر.

في ذلك الوقت كان مجاهد الدواتدار القائد العام لجيش الخليفة معسكرا بجنوده بين بعقوبة وباجسري، ولما سمعوا بقدوم المغول إلى الضفة الأخرى عبروا نهر دجلة واشتبكوا في قتال شرس مع المغول في حدود الأنبار على باب قصر المنصور، على بعد تسعة أميال من بغداد.

في تلك النواحي كان يوجد نهر عليه سد كبير فتحه المغول، فغمرت المياه كل الصحراء الواقعة خلف جيش الخليفة، وفي فجر يوم الخميس من المحرم دهم المغول الجيش المحاصر بين مائين، وأوقعوا به هزيمة منكرة، بلغ عدد القتلى فيها اثنا عشر ألف مسلم، فضلا عمن غرق أو قضى نحبه في الوحل.

فر قائد جيش الخليفة مع عدد قليل من جنوده، وعادوا إلى بغداد، كما هرب البعض إلى المدن الأخرى مثل الحلة والكوفة، وفي يوم الثلاثاء منتصف المحرم تقدم قادة الجيش المغولي بوقا تيمور وبايجو وسونجاق، تقدموا إلى بغداد واستولوا على الجانب الغربي منها، ونزلوا في ضواحي المدينة على شواطىء نهر دجلة، وفي الوقت نفسه وصل بوقا نويان من ناحية صرصر، وتحرك هولاكو من خانقين حيث كان معسكرا، وواصل سيره نحو بغداد حتى نزل في الجهة الشرقية منها، ثم تدفقت بعد ذلك باقي الجيوش كالنمل والجراد من كل جهة وناحية، فحاصروها من جميع أطرافها حتى أصبحوا حولها كسور بشري.

وفي صباح يوم 22 من المحرم 656هـ الموافق 30 يناير 1258م، أعطيت الأوامر لقادة الميدان باقتحام المدينة من جميع الجهات، فقام المغول بشن هجوم كاسح على أسوار بغداد، استخدموا فيه المنجانيق على نطاق واسع، وأحدث ثقل الحجارة وقوة اندفاعها ثغرات كبيرة في برج العجمي ـ أحد أكبر الأبراج بسور بغداد ـ ورافق هذا الهجوم الوحشي قرع الطبول وصراخ المغول المرعب وصيحاتهم الحادة، فانهارت أعصاب الخليفة، وعندئذ أرسل إلى هولاكو يخبره بموافقته على جميع شروطه للتسليم، فرد هولاكو على رسل الخليفة: هذه الشروط طلبتها وأنا على باب همدان، أما الآن فأنا على باب بغداد.

وفي يوم الجمعة 26 من المحرم إنهار برج العجمي، فانطلق المغول كالإعصار يجرفون كل حي في طريقهم، وفي يوم الاثنين 28 منه تسلق بعضهم السور عنوة، وأخلوا الأسوار من جند الخليفة، وما كان المساء يحل حتى تسلم المغول جميع الأسوار الشرقية.

على إثر ذلك أمر هولاكو بإقامة جسر في أعلى بغداد وفي أسفلها، وإعداد السفن ونصب المنجانيق، وكان بوقا تيمور قد رابط مع عشرة آلاف جندي على طريق المدائن والبصرة ليصد كل من يحاول الهرب بالسفن، ولما حمي وطيس القتال داخل بغداد، وضاق الحال بالمسلمين، أراد الدواتدار أن يركب سفينة ويهرب، لكن جنود المغول أفشلوا هروبه وأعادوه مهزوما مكسورا.

وفي ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من المحرم، خرج من بغداد للقاء هولاكو أبوالفضل عبدالرحمن بن الخليفة المستعصم، يرافقه جماعة من كبار رجال الدولة، ومعهم أموال طائلة وهدايا ثمينة لم تقبل منهم، وفي اليوم التالي خرج بن الخليفة الأكبر مع جماعة من المقربين للشفاعة فلم يجدوا آذانا صاغية.

أخيرا أرسل هولاكو برسالة قصيرة للخليفة يقول فيها: إن الرأي للخليفة، فله أن يخرج أو لايخرج، وسيكون جيش المغول مقيما على الأسوار إلى أن يخرج سليمان شاة والدواتدار، وفي يوم الخميس خرج الرجلان لمقابلة هولاكو، ولكنه أعادهما مرة أخرى ليخرجا أتباعهما، وكل ما يخصهما، بحجة أنهم سينفون إلى مصر والشام، وخرج معهما جند بغداد وكثير من السكان، وكانوا خلقا لا يحصى، مؤملين أن يجدوا طريقا للخلاص، بيد أن أملهم قد خاب، فقد قتلهم المغول بلا رحمة.

وفي يوم الجمعة الثامن من صفر قتل مجاهد الدواتدار وسليمان شاة وجميع أتباعهم وأشياعهم، وأرسلت رؤوس الثلاثة على يد الملك الصالح بن بدر الدين لؤلؤ إلى الموصل، وكان بدر الدين صديقا لسليمان شاة فبكى، ولكنه علق رؤوسهم خوفا على حياته.

المشهد الأخير

ثم حلت الفاجعة الكبرى، في يوم عد على أنه من أسود الأيام في تاريخ الأمة الإسلامية، يوم الأحد 14 من صفر سنة 656 هـ الموافق 10 فبراير سنة 1258م، إذ خرج الخليفة المستعصم من بغداد ومعه أبناؤه الثلاثة أبوالفضل عبدالرحمن، وأبوالعباس أحمد، وأبوالمناقب مبارك، يرافقهم ثلاثة آلاف من السادات والأئمة، والقضاة والأكابر والأعيان، لتسليم أنفسهم وعاصمة الخلافة الإسلامية بلا قيد ولا شرط، ورافق هذا الخروج الجماعي للاستسلام الذليل، صراخ وندب وصياح من النساء، وارتفعت أكف عشرات الآلاف من المسلمين في وقت واحد تتضرع إلى الله أن يرفع عنهم الغمة، في جو قاتم مشحون بالرعب والدماء ورائحة الموت.

استقبل هولاكو الخليفة استقبالا لا ينم عن غضب منه، بل سأله بأسلوب مهذب عن صحته، وكلمه بالحسنى، وطلب منه أن يأمر بخروج كل سكان المدينة من منازلهم ومخابئهم حتى يحصوهم، فخالت على الخليفة الخدعة، وأذعن لطلبه، وخرج المنادون في كل أحياء بغداد ليعلنوا على المسلمين، أن كل من يود إنقاذ حياته وصيانة ماله وعرضه، فليخرج من المدينة، ويسلم ما في حوزته من سلاح للمغول.. ووقع الناس في بلبلة كبيرة، فمنهم من صدق وسلم سلاحه، ومنهم من ارتاب من سلامة الأوامر وصحتها، فاحتفظ واعتصم بداره وبقي بجانب عائلته.

نصب المغول خياما على امتداد نهر دجله لاستلام السلاح، وجاء المسلمون جماعات يسلمون سلاحهم، وكل من دخل خيمة لتسليم سلاحه خرج من الناحية الأخرى جثة هامدة، وأدرك الأهالي أن الفخ المنصوب لهم، وأن المغول يذبحونهم كقطعان الغنم، ويرمون بجثثهم في مجار مائية متفرعة من نهر دجلة، فانتشر الخبر بسرعة، وعاد الناس للاختفاء عنهم.

وفي يوم الأربعاء 17 من صفر 656 هـ الموافق 13 فبراير 1258م، أعطيت الأوامر بإباحة المدينة بالكامل، وتم توزيع قادة المغول والضباط وفرق الجيش على أحياء ودروب بغداد، يفعلون فيها مايشاءون، فاجتاح المغول المدينة بلا أية ضوابط، فقتلوا الرجال والأطفال، وهتكوا أعراض النساء، وبقروا بطون الحوامل، وقتلوا كل حي رأوه، ولم يسلم منهم إلا من اختفى منهم في باطن الأرض، أو تصنع الموت ونام بين الجثث المقتولة !!.

ولم يقف الأمر عند هذا فقط، بل راحوا يخربون مباني المدينة، فهدموا جامع الخليفة، ومشهد الإمام موسى الكاظم، ونبشوا قبور الخلفاء في الرصافة، ودمروا المساجد ليستولوا على الذهب المزينة به قبابها، وهدموا القصور بعد أن استولوا على كل ما فيها من تحف نادرة ومجوهرات، ، ثم أضرموا النار في المدينة لتأتي على الأخضر واليابس فيها.

رواية شاهد عيان

من بين شهود العيان الذين كتبت لهم النجاة من هذا اليوم الرهيب، عبدالمؤمن مغني الخليفة المستعصم ونديمه، قال في روايته عن هذا اليوم:

طلب هولاكو من رؤساء البلد أن يقسموا دروب بغداد ومحالها وبيوت ذوي يسارها على أمراء دولته فقسموها، وجعلوا كل محلة أو محلتين أو سوقين باسم أمير كبير، فوقع الدرب الذي أسكنه في حصة أمير مقدم عشرة آلاف فارس اسمه "بانوانوين”، وكان هولاكو قد رسم لبعض الأمراء أن يقتل ويأسر وينهب مدة ثلاثة أيام، ولبعضهم يوم حسب طبقتهم، فلما دخل الأمراء إلى بغداد ، فأول درب جاء إليه الدرب الذي أنا ساكنه، وكان قد اجتمع عندي كثير من ذوي اليسار، واجتمع عندي نحو خمسين جوقة من أعيان المغاني من ذوي المال والجمال، فوقف بانوانوين على باب الدرب، وهو مدبس بالأخشاب والتراب، فطوقوا الباب وقالوا:

● افتحوا لنا الباب وادخلوا في الطاعة ولكم الأمان، وإلا حرقنا الباب وقتلناكم

● قلت: السمع والطاعة

ففتحت الباب وخرجت إليه وحدي وعليّ ثياب وسخة، وأنا أنتظر الموت، فقبلت الأرض بين يديه، فقال للترجمان: إذا أردتم السلامة من الموت فاحملوا لنا كذا وكذا، وطلب شيئا كثيرا، فقبلت الأرض مرة ثانية، وقلت: كل ما طلب الأمير يحضر، وقد صار كل ما في الدرب بحكمك، فمر جيوشك ينهبون باقي الدروب المعينة، وأنزل حتى أضيفك ومن تريد من خواصك، فأجمع لك ماطلبت.

فشاور أصحابه ونزل في نحو ثلاثين رجلا، فأتيت به إلى داري، وفرشت له الفرش الخليفية الفاخرة، والسور المطرزة بالزركش، وأحضرت له في الحال أطعمة، مقليات ومشويات وحلوى، فلما فرغ من الأكل عملت له مجلسا ملوكيا، وأحضرت له الأواني المذهبة من الزجاج، وأواني فضة فيها شراب مروق، فلما دارت الأقداح وسكر قليلا، اخترت عشر جوق كلهم نساء، كل جوقة تغني بملهاة غير ملهاة أختها، وأمرتهم فغنوا كلهم، فارتج المجلس وطرب، وانبسطت نفسه، وضم واحدة من المغنيات أعجبته، فواقعها في المجلس ونحن نشاهده.

وتم يومه في غاية الحسن، فلما كان وقت العصر، حضر أصحابه بالنهب والسبايا، فقدمت له ولأصحابه الذين كانوا معه تحفا جليلة من أواني الذهب والفضة، ومن الأقمشة الفاخرة، واعتذرت له على التقصير، وقلت له جئتني على غفلة، لكن غدا أعمل للأمير دعوة أحسن من هذه، فركب وقبلت ركابه، ولما رجعت جمعت أهل الدرب من أهل اليسار وقلت لهم انظروا لأنفسكم هذا الرجل غدا عندي وبعد غد وكل يوم، أريد أضعاف المتقدم، فجمعوا لي من بينهم ما يساوي خمسين ألف دينار من أنواع الذهب والأقمشة الفاخرة والسلاح.

فلما طلعت الشمس إلا وقد جاءني ومعه نساؤه، فرأى ما أذهله، فقدمت له ولنسائه من الذخائر والنقد ما قيمته عشرون ألف دينار، وقدمت له في اليوم الثالث لآلىء نفيسة وجواهر ثمينة وبغلة جميلة، وقدمت لجميع من معه، وقلت له هذا الدرب قد صار بحكمك، فإن تصدقت على أهله بأرواحهم، فقال من أول يوم وهبتهم أرواحهم، وما حدثتني نفسي بقتلهم ولا سبيهم، لكن أنت تجهز معي قبل كل شيء إلى حضرة الخان، فقد ذكرتك عنده، وقدمت له شيئا من المستظرفات التي قدمتها لي، فأعجبته فرسم بحضورك.

ويواصل مغني الخليفة ونديمه شهادته فيقول:

دخل هولاكو بغداد لمشاهدة قصر الخليفة، فأعجب ببنائه وهندسته والسجاد العجمي الذي يكسو جدرانه، ثم أشار بإحضار الخليفة المستعصم، فجيء به مكبلا بالسلاسل شاحب اللون حزين، فقال له هولاكو ساخرا: إنك الآن مضيف ونحن الضيوف، فهيا أحضر ما يليق بنا، ومن فرط الخوف صدق الخليفة هذا الكلام, وبلغ من الدهشة درجة لم يعد يعرف أين وضع مفاتيح الخزائن، فأمر بكسر الأقفال وأخرج منها ألفي ثوب، وعشرة آلاف دينار، ونفائس ومرصعات وعددا من الجواهر، قدمها جميعا إلى هولاكو الذي لم يعر تلك الأشياء التفاتا، ومنحها كلها للأمراء والحاضرين، ثم قال للخليفة: إن هذه الأموال التي تملكها على الأرض ظاهرة، وهي ملك عبيدنا، لكن أذكر ما تملكه من الدفائن وأين توجد؟

عندئذ اعترف الخليفة بوجود حوض مملوء بالذهب في ساحة القصر، فحفروا الأرض حتى وجدوه، وكان بالفعل مملوء بالجواهر المؤلفة من الإبريز والذهب والفضة والألماس والأحجار الكريمة، مما أدخره العباسيون من خزائن قصر بغداد وجمعوها خلال خمسة قرون، وكانت كل قطعة منها تزن مائة مثقال.

700 زوجة وسرية للخليفة!!

في يوم الجمعة 19 صفر أصدر هولاكو أوامره بإحصاء نساء الخليفة، فعدوا سبعمائة زوجة وسرية وألف خادمة، فلما اطلع الخليفة على تعداد نسائه جاء إلى هولاكو متضرعا وقال له: مٌن علىَ بأهلي حرمي اللاتي لم تطلع عليهن الشمس والقمر، فأخرج الخليفة مائة امرأة من أقاربه والمحببات إليه، وألحق هولاكو ما استرعين نظره بحريمه، ثم وزع الباقي على الأمراء وقادة جيشه.

وبعدما تم قتل ما يقرب من ثمانمائة ألف نفس في بغداد، وتخريب آلاف المباني والقصور، صدرت الأوامر بالكف عن القتل، فخرج من تحت الأرض من كان مختبئا كأنهم موتى، حتى أنكر بعضهم بعضا، ووجدوا أرض بغداد مخضبة بالدم، مليئة بجثث القتلى، وهواؤها فاسدا عفنا من رائحة الجثث المترممة ولم تجد من يدفنها، وانتشرت الأوبئة والأمراض من جراء ذلك، حتى أن هولاكو نفسه غادر بغداد هربا من رائحتها إلى قرية وقف، وهناك استدعى الخليفة العباسي الذي يأس من إنقاذ حياته، ولذلك استأذن هولاكو في الذهاب إلى الحمام ليجدد اغتساله، فأمر هولاكو بأن يصحبه خمسة من المغول، لكن الخليفة رفض قائلا: أنا لا أريد أن أذهب بصحبة خمسة من الزبانية، وفي مساء نفس اليوم 24 صفر 656 هـ الموافق 20 فبراير سنة 1258 م ، قتل الخليفة وكان عمره 46 سنة، وابنه الأكبر أبوالعباس أحمد وعمره كان 25 سنة، وابنه الأوسط أبوالفضل عبدالرحمن وكان عمره 23 سنة، وأسر ولده الأصغر مبارك، وأسرت إخواته الثلاث فاطمة وخديجة ومريم، وقتل خمسة من الخدم كانوا في معية الخليفة، وقتلوا كل من وجدوه حيا من العباسيين، وتم أسر ما يقرب من ألف بكر من نساء دار الخلافة، وفي يوم الجمعة 23 من ربيع الأول رحل هولاكو عن بغداد قاصدا معسكره في خانقين، حيث أرسل لأخيه منكوبان كثيرا من الغنائم والأموال التي نهبت من بغداد.

يقول ابن كثير: اختلف الناس في عدد من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الواقعة، فمنهم من قال ثمانمائة ألف، ومنهم من قال ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل بلغ القتلى ألفي ألف نفس، وقال: كانت جثث القتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليها المطر، فتغيرت صورهم، وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء، فحصل بسببه الوباء الشديد، حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح، فاجتمع من بقي على الوباء والغلاء والفناء، والطعن والطاعون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.