كانت بداية الفنان أحمد السلمان الحقيقية في مسرحية «صبوحة»، ومنها أدرك أن للفن معايير وأسساً. التحق فورا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ليصقل موهبته وتترسخ خبرته بالعلم والمعرفة، وكان له ما أراد. تعلّم الوقوف على خشبة المسرح وكيف يحفظ نصًا يحبه أو لا يحبه. يتمتع بروح الدعابة والمرح، وهو مسكون بحب التعاون والعمل الجماعي، وهما أمران يتطلبهما المسرح الناجح.

Ad

تجمعه بأصدقائه الفنانين علاقات طيبة وصداقات متينة. يحترم كل من أبدى رأياً في أعماله، سواء بالانتقاد أو المديح. يحترم الإعلام والصحافة لأنه يرى أن النقد المبني على أسس سليمة هو الذي يقوّم الفنان، ويعدّل مساره إن حاد عن طريق الإبداع أو التميز.

حلم بالوقوف أمام العملاق عبدالحسين عبدالرضا، فهو الفنان الذي لفت نظره منذ الصغر، ورأى فيه مثلاً أعلى يمكن الاحتذاء به. تحقق له ما أراد بعد مثابرة ومجهود كبيرين استمرا سنوات طويلة. إذ تمكن من الوقوف أمام عبد الرضا في مسلسلات ومسرحيات عدة، أبرزها مسرحية «قناص خيطان»، ووصل الى أكثر مما يحلم به وما كان يتوقعه، وأصبح مخرجا لعبد الرضا في المسرحية ذاتها.

نشأ السلمان في منطقة «الشرق» وتحديداً سوق «الخبابيز» وكان ارتباطه بالفن يبعث في نفسه حافزا قويا للسعي نحو الأنشطة الاجتماعية، شارك في طفولته في الأنشطة المدرسية الى ان وصل الى مبتغاه الذي راوده منذ الصغر، وباتت مختزلة في ذاكرته، أهمها النشاط الفني، الذي يتجسّد في مسرحيات كثيرة، قدمها على خشبة المسرح المدرسي والأندية الصيفية وكان في المرحلة الثانوية، ودارت حول قضايا ومنازلات سياسية، نظرا الى طبيعة الأحداث التي كانت تشغل بال الجمهور وما زالت تداعياتها مستمرة إلى يومنا، مثل قضية فلسطين ومصر والعراق، وكذلك الصراع العربي -الاسرائيلي الدائم.

كذلك، شارك في المسارح الوطنية والثقافية، وفي أعمال قدمها المسرح الكويتي منذ عام 1980، وفي العام التالي شارك في أعمال قدمها «المسرح الشعبي» وأبرزها مسرحية «صبوحة خطبها نصيب»، مع مجموعة من الفنانين النجوم من بينهم: غانم الصالح، داوود حسين، عبد العزيز النمش. المسرحية من إخراج أحمد مساعد.

مهرجان خليجي

شارك السلمان في أول مهرجان خليجي، وقدم مسرحية «الصحون الطائرة» لصالح فرقة المسرح الكويتي، على هامش المهرجان ولم تكن ضمن المسابقة الرسمية. ونظراً إلى النجاح الكبير الذي حققته، تمنى بعض الجمهور والنقاد حينها اختيارها عملاً رئيساً للمهرجان بدلا من مسرحية «الثمن». كان المهرجان يحمل طابعاً ثقافياً، الهدف منه أن يتعارف الفنانون الخليجيون على بعضهم .

يذكر السلمان أن المغفور له الشيخ جابر المبارك الصباح هو من أطلق فكرة المهرجان الخليجي، ومن ثم انتقلت الى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح الذي غير اسمه الى «مهرجان الشباب المحلي المسرحي» وما زال مستمراً بالمسمى ذاته، وهو الآن تحت إشراف «الهيئة العامة للشباب والرياضة».

بعد نجاحه في المهرجان المسرحي الخليجي، تابع تألقه بالمشاركة في مهرجانات محلية أخرى، فنالت مسرحية «الشفاف» (من إخراج عبد العزيز مطر) التي شارك فيها وقدمها المسرح الكويتي على جائزة أفضل عرض مسرحي عام 1989، وحصل حينها بالاشتراك مع الفنانة باسمه حمادة على جائزة أفضل فنان. كذلك حصلا على جائزة أفضل فنان واعد.

في العام التالي 1990 شارك في المهرجان بمسرحية «الستار»، فنالت جائزة أفضل عرض مسرحي وحاز عبد العزيز المسلم جائزة أفضل مخرج.

جرح الزمن

برزت النقلة الكبيرة في مشوار السلمان من خلال التلفزيون عبر مسلسل «جرح الزمن» من تأليف فجر السعيد. أما أول سهره تلفزيونية شارك بها فحملت عنوان «النشمي» (1983). أنجز كذلك مسلسلاً لمؤتمر القمة الإسلامي (1985) بعنوان «ضيعة أبو سالم» شارك فيه مجموعة من الفنانين الكبار من بينهم: سعد الفرج، مريم الصالح، ابراهيم الصلال، جاسم النبهان، عبد الناصر درويش، عبدالناصر الزاير وجمال الردهان، ترجم إلى الإنكليزية، وإلى أربع لغات حية أخرى.

شهرة متأخّرة

على الرغم من حضوره المكثف في الأعمال الفنية المسرحية والدرامية، إلا أن شهرة السلمان جاءت متأخرة، وعن سبب ذلك يقول: «كانت المحطات الفضائية قليلة مقارنة بما هي عليه الآن، وكانت الأعمال الفنية في فترة الثمانينات شحيحة وتعتمد على عدد قليل من الفنانين. استمرت الحال على ما هي عليه لفترة طويلة، كذلك ساهم انشغالي بالمهرجانات والمسرحيات الخاصة والمسارح الشعبية، في تأخير شهرتي».

لا ينكر أن مجموعة من الفنانين ساعدته في تميزه، من هؤلاء المخرج عبد العزيز مطر، الفنان والمخرج عبد العزيز المسلم، حسين صالح الدوسري، أحمد مساعد.

«الفريج» القديم

أجمل الذكريات يحملها الإنسان منذ الصغر، يوضح السلمان أن «الفريج القديم» له ذكريات لا تغيب عن باله، ففي صغره كان يذهب إلى السينما مع جده لأنه كان يسكن قريباً منه. كان ينتظر أيام الأسبوع بفارغ الصبر، ليرى الأفلام الجديدة التي يحفظها عن ظهر قلب، ويتعلم من حركات أبطالها، ليجسدها في البيت وأمام أسرته. كان في صغره طفلا شقياً، يلعب كثيراً ولا يهاب الأطفال الذين في مثل سنه. عندما يأتي رمضان وخصوصاً إذا كان في الصيف، يوهم أسرته والمدرسين وأصدقاءه بأنه صائم، وما إن يتوارى عنهم ويختبئ حتى يأكل ويشرب كل ما لذّ وطاب. كان الفريج بالنسبة إليه مدرسة يتعلم منها الرجولة والإعتماد على النفس، وتحمّل المسؤولية.

يأسف على ذلك «الفريج» الذي انتهى أمره، و{أصبحنا نرى أشياء جديدة في المعمار والتقاليد وحتى الألعاب والحكايات، العلاقات شبه مقطوعة بين أهل الفريج الواحد، واقتصرت الزيارات حتى بين العائلة الواحدة على يوم الجمعة، وأحيانا لا تكون إلا أيامًا معدودة في رمضان».

الكم والكيف

يردد بعض الفنانين مقولة إن «مساحة الدور ليست مهمة بقدر أهمية الأحداث والرسالة التي يحملها»، يؤكد السلمان ذلك، بعدما وصل الى مرحلة فنية يتمناها كثيرون. يحمل على عاتقه مسؤولية تدريب الشباب المنتمين الى فرقة «مسرح الكويت».

عُرف عنه تواضعه الشديد ولم يتكبر في يوم من الأيام على دور مهم عرض عليه مهما كانت مساحته، ما دام أنه مقتنع بالشخصية والرسالة التي يتضمنها. قدم في مسيرته الطويلة أعمالا كثيرة، تضمنت عددا من الأدوار الصغيرة بمساحتها الكبيرة بمضمونها وفائدتها.

العثرة

من أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن يأخذ أحد عملا رُشحت له وتستطيع أن تحقق من ورائه النجاح. من العثرات التي اعترضت طريق السلمان أنه كان يرشَّح لأعمال عدة، وقبل الشروع في تنفيذها يأخذها غيره من دون وجه حق وأسباب مقنعة او حتى اعتذار. ذلك ما يغضبه، لأنه تربى على قيم جميلة تمنعه من أن يأخذ ما ليس له. حدث ذلك في مسرحية «زكريا»، اذ كان مرشحاً لجائزة أفضل عرض مكتمل من ناحية الممثلين والإخراج والديكور والإضاءة والصوتيات، وبسبب تآمر إحدى الشخصيات حُجبت الجائزة عنه. حينها أدرك أن ثمة من يحفر وراء نجاحه كي يبطل أعماله.

السلمان في رمضان

يعتبر السلمان أحد الفنانين الذين ارتبطت شهرتهم بشهر رمضان الفضيل، الى ان أصبح جمهوره ومحبوه ينتظرون منه عملاً جديداً في كل عام. يظهر في الشهر الكريم في ثلاثة أعمال تجسد وجوهاً وشخصيات مختلفة. اولها مسلسل «فطين» وهو من بطولة الفنان داوود حسين وإنتاجه ومشاركة مجموعة من الفنانين من أبرزهم: محمد الجناحي، وأمل العوضي. يجسد شخصية رجل شرير متقلب، يتمتع بشخصية مزدوجة، يبدو في بيته في هيئة رجل محافظ صالح، يأمر أهله بالصلاح وفعل الصواب، بينما هو خارج البيت رجل سوء وشرير، إنتاجه لصالح قناة «الراي».

كذلك يشارك في مسلسل «عائلتي» (30 حلقة مستقلة تتناول كل واحدة قضية تختلف عن الأخرى) وهو، كما يقول السلمان، عمل كوميدي خفيف من بطولة إلهام الفضالة، غازي حسين، الصاعدة شجون، وبدر الشعيبي .

يحمل «عائلتي» قضية تربوية موجهة إلى الجمهور عموما وإلى الشباب والأطفال خصوصا، يحمل النص رسائل ثمينة تحوي نصائح تربوية قيّمة وظِّفت بشكل متقن لتعرض من خلال مواقف كوميدية، كي تصل إلى المشاهد بشكل خفيف وبسيط.

تشارك في «عائلتي» مجموعة من نجوم الخليج كضيوف شرف من بينهم: عبد المحسن النمر، محمود بو شهري، محمد الصيرفي. يعرض حصرياً على قناة «فنون»، وهو من تأليف انتصار آدم وإخراج حاتم علي.

كذلك يشارك السلمان في مسلسل «سقوط الأقنعة»، يؤدي دور البطولة فيه كل من عبير الجندي، مها محمد، سلمى سالم، عباس مراد، أحمد عبدالله، ملاك، محمد رمضان، صمود، نواف نجم، مالك وعبدالله بهمن، بالإضافة الى شيماء سبت ونورا البلوشي من البحرين وينتج لصالح «روتانا خليجية».

من هو؟

السلمان من مواليد الكويت - منطقة «الشرق» في سوق يسمى «الخبابيز»، عاش فيه فترة الطفولة خلال الستينات، ومن ثم انتقل الى منطقة «الدعية»، وفيها التحق بالمدرسة وهو في السابعة من عمره. بعد انتهائه من مرحلتي الإبتدائي والمتوسط، انتقل إلى ثانوية يوسف بن عيسى في منطقة «ضاحية عبدالله السالم». إنتسب عام 1982 الى المعهد العالي للفنون المسرحية في منطقة «الشامية».

من أعماله

بدأ السلمان على خشبة المسارح الشعبية، ومن خلالها انطلق إلى مسارح تجارية عدة، قدم الكثير من الأعمال أبرزها: «صبوحة خطبها نصيب»، «تصفيق للعم»، «المدرسة العجيبة»، «برشامه»، «غريب وعجيب»، «الصحون الطائرة»، «الشفاف»، «الستار»، «مخروش طاح بكروش»، «قصر الرعب»، «خيران رايح جاي»، «قناص خيطان»، «البيت المسكون».

كذلك شارك في مجموعة من الأعمال التلفزيونية من بينها: السهرة التلفزيونية «ضيعة أبوسالم»، ثم انتقل إلى المسلسلات وقدم «الخروج من الهاوية»، «قاصد خير»، «اثنان على الطريق»، «جرح الزمن»، «الشريب بزه»، «العلوي»، «دخان فتايل»، {عايش المصادر»، «درويش»، «عتيج الصوف».

شارك أخيراً في بطولة المسرحية الفكاهية «من حبنا لها» التي أخرجها عادل المسلم وأنتجها، وهي كوميديا اجتماعية تخفي في ملامحها طابعا سياسيا، أدى دور البطولة فيها كل من ولد الديرة، انتصار الشراح، بورزيقة، منى البلوشي، سعيد الملا، ابراهيم القطان وغيرهم.

ظلموه فقالوا

الإشاعات التي تعرض لها السلمان كثيرة، أكثرها وقعاً على النفس تلك التي ادعت أنه توفي في حادث انقلاب سيارة، وكانت عبارة عن دعابة من صحافي على علاقة وطيدة به، لكنها آلمته كثيراً.