استعرضت اللجنة التشريعية والقانونية البرلمانية يوم الأحد 1 فبراير قانون إنشاء المدارس الخاصة، وأضافت «منع الاختلاط» كشرط للتعليم الخاص، ومر هذا المقترح لولا وقفة «العقلاء» في هذه اللجنة وتحفظهم على دستورية هذا المقترح.
اثنان فقط من سبعة أعضاء قرآ واستوعبا الدستور الذي أقسم «الكل» على حمايته. النائبان عبدالله الرومي وعلي الراشد فقط لاحظا التناقض بين «حق اختيار التعليم» المكفول دستوريا وحسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفرض الفصل. أي أقل من 30% من أعضاء هذه اللجنة (وأقل على مستوى المجلس بالتأكيد) يفهم ويحترم قسمه الدستوري وحقوق ناخبيه غير القابلة للمساومة، وهذا طبعاً لا يتضمن النواب السلف الذين اختاروا تحريف قسمهم متخلين عن مسؤوليتهم تجاه الدستور منذ اليوم الأول. هذا في الوقت الذي وصلت فيه عقبات منع الاختلاط في التعليم الجامعي إلى أوجها، فتأخر تخرج الشباب، ونقص الشُّعَب، وإنهاك طاقم التدريس، وارتفاع كلفة التعليم، وضعف القدرة الاستيعابية للجامعات الخاصة، كلها تبعات الفصل غير المنطقي للجنسين. وبدلاً من مراجعة القانون السيئ الذكر أو دراسة أضراره يصر الأعضاء النبهاء على مد الضرر إلى التعليم الخاص. ولماذا؟ وبناء على ماذا؟ وما الدراسات والبيانات التي تم بناء المقترح عليها؟ لا شيء كالعادة.خريجو التعليم الخاص متميزون في تحصيلهم الجامعي، وفي نجاحهم المهني، وفي ذكائهم الذهني والعاطفي، وقوة شخصياتهم ونضوجهم الاجتماعي، مقارنة بأقرانهم خريجي التعليم الحكومي، وذلك بشهادة القطاعين الخاص والعام اللذين يتلقيان هؤلاء عند التحاقهم بسوق العمل. وهذا التميز له العديد من الأسباب: منها المناهج، وشروط الجودة والاعتماد، والاعتراف الدولي المفروض على المدارس الخاصة، بالإضافة إلى تنوع طاقم التدريس، وتطور أساليب الإدارة، والتعليم المتكامل الذي لا يضمنه سوى التعليم المشترك، هذا رغم التدخل غير المبرر لوزارة التربية.وأحد أهم أسباب قدرة المدارس الخاصة على توفير هذا المستوى من الموارد والخدمة والمحافظة على الاعترافات الدولية هو الرسوم الباهظة التي يدفعها أولياء الأمور، والتي تصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف دينار لطالب المرحلة المتوسطة، فمن سيدفع الكلفة المضاعفة عند فرض الفصل؟ هل سيتفضل أعضاء مجلس الأمة بدفع الفرق من جيوبهم؟ أم على حساب الدولة؟ أم أننا سنقبل بانخفاض جودة التعليم والخدمة مقابل إرضاء مصالح البعض السياسية والحزبية؟ «منع الاختلاط» مناف للدستور والمنطق والواقع واحتياجات سوق العمل، والأهم حق أولياء الأمور والطلبة في اختيار التعليم الذي يتناسب وقيمهم وطموحهم. وقد كتب الكثير في كل من هذه الجوانب لمن يرغب في الاطلاع وبناء قراراته على أسس علمية ومنطقية ودستورية، ولكن ما حاجتنا لكل ذلك ولدينا نائب مثل محمد الرشيدي الذي ألغى دور البحث والاستشارة وحتى المحكمة الدستورية بقراره عدم وجود أي شبهة دستورية في «منع الاختلاط» في فتواه بأنه «لا يجوز الاختلاط في المدارس بجميع المراحل باستثناء مرحلة رياض الأطفال»!العلاقة بين المجلس والحكومة والمجلس والناخبين في أعلى درجات توترها، والدولة بشكل عام على كفّ عفريت، فما الحكمة من إثارة قضايا خلافية ومحاولات تخريب المؤسسات القليلة الناجحة؟ رجاء كفوا أيديكم عن تعليم أبنائنا ومستقبلهم!
مقالات
شكراً عبدالله... شكراً علي
06-02-2009