الأميركيون قادمون!

نشر في 31-10-2008
آخر تحديث 31-10-2008 | 00:00
No Image Caption
 صالح القلاب بعد أكثر من سبعة وعشرين عاماً فإن نظرة ثاقبة الى الخلف تظهر أن كل هذا الذي حصل في هذه المنطقة وحولها منذ بدايات ثمانينيات القرن الماضي حتى هذه اللحظة، حيث يبدو سماء الشرق ملبداً بغيوم مصائب كثيرة، كان قد حذَّر منه كثيرون استُقبلت تحذيراتهم للأسف بالسخرية والاستهزاء، وهذا ينطبق عليه بيت الشعر القائل:

لقد أسمعت لو ناديت حيّاً

           ولكن لا حياة لمن تنادي

بالإمكان الرجوع الآن الى العدد الأول لمجلة «المجلة» التي كانت تصدر في لندن قبل انتقالها الى الرياض، فغلاف ذلك العدد يحمل صورة جندي أميركي بهيئته وبخوذته، وبأصبغة التمويه السود على وجهه... وفي خلفية الصورة ملامح طائرات «فانتوم» أميركية وفضاء «كابـيُّ» اللون بلون الصحارى العربية، وتحتها تعليق يقول: «الأميركيون قادمون». كان الصحافي اللبناني المبدع، الذي ظلمه زملاء المهنة كثيراً، الأستاذ عبدالكريم أبو النصر هو رئيس التحرير، وهو الذي كتب ذلك التحقيق الذي تضمن تنبُّؤات تستند الى «مصادر مطلعة وموثوقة» كما اعتاد ان يكتب تعزيزاً لتكهناته ولمزيد من إقناع القارئ بصحتها، وبالطبع فقد وُوجه ما كتبه وما قاله بالغمز واللمز وبمد الألسنة، وبالاستهزاء والسخرية في بعض الأحيان.

لقد بقي عبدالكريم أبو النصر يكتب في مجلة «المجلة»، التي طلَّقها وطلَّقته وتناوب عليها من بعده في المرحلة اللندنية عماد الدين أديب وعثمان العمير وعبدالرحمن الراشد، أن الأميركيين قادمون، لكن أحداً لم يصدقه، ومعظم هؤلاء من زملائه في المهنة الى ان حصل كل هذا الذي حصل منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي حتى الآن، وإلى أن أصبحت الولايات المتحدة من خلال وجودها العسكري للعراق محاددة لستٍّ من دول هذه المنطقة... في البداية كانت الثورة الإيرانية في فبراير 1979، ثم جاءت حرب الخليج الأولى، الحرب العراقية- الإيرانية، ثم غزو صدام حسين للكويت ثم حرب الخليج الثانية، حيث المساندة الدولية والعربية لتحرير الدولة التي جاءها سهم الغدر من الدولة الشقيقة المجاورة، ثم حرب الخليج الثالثة والاحتلال الأميركي للعراق وإسقاط النظام الذي استدرج كل تلك الويلات الى هذه المنطقة.

الآن هناك مَنْ لم يأخذ العبرة مما حصل خلال كل هذه الأعوام السبعة والعشرين، فالتلاعب بالجمر لم يتوقف مع إسقاط صدام حسين ونظامه، وهؤلاء الذين لم يقرأوا الدرس جيداً ولم يفهموه كما يجب ان يُفهم يعتقدون ان بإمكانهم فرض أنفسهم على المعادلة الإقليمية والدولية التي هي أكثر صعوبة وتعقيداً مما يظنون.

* كاتب وسياسي أردني

back to top