أول العمود: من أي كهف خرجت فتوى حرمة تصويت أمي وأختي وزوجتي في الانتخابات؟

Ad

***

في الأيام القليلة الماضية جرت احتجاجات طلابية واعتصام تزعمه بعض المرشحين حول قرار جامعة الكويت منع إقامة ندوات انتخابية في مبانيها، وهي ندوات ترعاها القوائم الطلابية، والحقيقة أنه يجدر الاطلاع على نص الفقرة الخامسة مكرر من المادة 45 من القانون رقم 35 لسنة 1964 بشأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة، والتي تنص على عقوبة الحبس لمدة تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من «استخدم دور العبادة أو دور العلم للدعوة إلى التصويت لمصلحة مرشح معين أو إضرار به»، وبالطبع تشمل هذه المادة أفعالا أخرى مجرمة ذكرت في القانون بالتفصيل.

وقد قمت بواجبي كصحافي باستقصاء رأي عدد من الخبراء القانونيين المعروفين في الساحة، ولم يتم الاتفاق معهم على نشر أسمائهم، لذا سأكتفي بنقل آرائهم، وخلاصتها تمحورت في رأيين:

الرأي الأول، يؤكد جواز إقامة مثل هذا النشاط دون مخالفة لنص الفقرة المذكورة، لأن الندوات لا تدعو للتصويت لمرشح محدد، كما لا تدعو إلى الإضرار بمرشحين محددين أيضا، إنما هي ندوات تأتي في إطار التثقيف العام وإبراز دور الطلبة الجامعيين في المجتمع، وهو دور له من القيمة الكبيرة في المجتمعات، وتأتي مشاركتهم في الموسم الانتخابي من خلال دعوة مرشحين لإقامة ندوات في هذا السياق.

أما الرأي الثاني فهو يرى أن نص الفقرة الخامسة مكرر من المادة المذكورة ينطبق على الندوات المقامة في الجامعة ويشملها، وهي تخضع للتجريم الذي يذكره القانون من منظور أن المدعوين مرشحون يتنافسون مع غيرهم في سباق انتخابي سياسي، وتشكل الدعوة الطلابية لبعضهم دعاية سياسية غير مباشرة لهم دون غيرهم، وتحمل في طياتها شبهة التشجيع على التصويت لهم كونهم جاؤوا باختيار من الطلبة الجامعيين الذين يعول عليهم في مسألة التغيير في المجتمع.

ويضيف هؤلاء بأن إقامة الندوات السياسية من ناحية المبدأ ليس مجرما بذاته في كليات الجامعة بدليل أن القوائم الطلابية تقيم ندوات سياسية في غير مواسم الانتخابات، لكن مع ورود كلمة (مرشح) في القانون دون غيرها، فإن الموسم المعني بالمنع والتجريم هو موسم الانتخابات والطرح المتوقع من المرشحين سيكون في الغالب سياسيا مغلفا بالتنافس والتشاحن والتجريح من أجل الفوز على مرشحين آخرين، وأنه من المعلوم أن أجواء الانتخابات لا تخلو من هذه الصفات.

وأمام هذين الرأيين المعتبرين نعتقد أن ما دار في الأيام الماضية من هجوم على إدارة الجامعة، والقول إن الطلبة الجامعيين هم أداة التغيير في المجتمع يصب في مصلحة الرأي الأول، ويتناسى الرأي الثاني تماما.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء