مو بالكلام

نشر في 17-09-2008
آخر تحديث 17-09-2008 | 00:00
 أحمد عيسى منذ خمس سنوات أخذت وتيرة التنمية تتصاعد في المنطقة، مخدومة بارتفاع أسعار النفط، وتنامي المداخيل السنوية لدول الخليج، إلى جانب هدوء الأوضاع الإقليمية، بعد سقوط نظام صدام حسين، وتحسن مستوى الأمن، وتحصن الدول ضد العمليات الإرهابية، ناهيك عن الاستقرار السياسي الذي تكفله أنظمة حكم، تبنت مشاريع تنموية عملاقة في دولها، ما أكد جديتها، بينما فضلت الكويت مقابلة النهضة الخليجية بالانزواء بعيدا، والاكتفاء بالتصريحات الورقية.

في المملكة العربية السعودية أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز مشروعه الاقتصادي المرتكز على إنشاء خمس مدن اقتصادية وصناعية، تحتوي موانئ ومواقع تخزين تستقطب كبرى الشركات الخدماتية والاستثمارية، بما سيخلق فرص عمل للشباب السعودي، إلى جانب إطلاق مشروع موازٍ يهدف إلى رفع المستوى التعليمي للشباب، من خلال ابتعاثهم لاستكمال دراساتهم العليا في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والجمهورية الفرنسية، في خطة استهدفت حتى الآن 25 ألف سعودي ممن لم يكملوا الخامسة والثلاثين من العمر، ناهيك عن مشروع طموح لجعل المملكة ضمن أول 10 دول على مستوى العالم في التنافسية، خلال عشر سنوات، مضى منها 3 حتى الآن، تمكنت المملكة فيها من أن تصبح ضمن أول خمسين دولة في العالم.

ننتقل من الرياض إلى مملكة البحرين، حيث تبدو خطوات الملك حمد بن عيسى الهادفة لتحويل المنامة إلى مركز مالي إقليمي واضحة للعيان، ويرافقها حزمة قوانين تفسح المجال أمام المستثمر الأجنبي لدخول السوق البحريني، والانطلاق منه إلى العالمية، ما يكفل تحريك دورة الاقتصاد، وضمان استقرار الوضع المالي للمملكة، فتحولت البحرين من أفقر دول مجلس التعاون الخليجي، إلى أغناها بحجم الاستثمار الأجنبي وتدفقات السيولة النقدية.

من المنامة إلى دبي، التي تنتظر افتتاح أكبر برج في العالم، والذي يعد خاتمة الجزء الأول من رؤية الشيخ محمد بن راشد، الهادفة في جزء منها إلى تحويل دبي إلى عاصمة عالمية لرجال الأعمال ومجتمع الاقتصاد، الذي ستخدمه مدن إعلامية وطبية وتكنولوجية، وهو ما استلزم في جانب ما تعزيز معايير الشفافية على مستوى التعامل الحكومي، ورفع مستوى رقابة الدولة على القطاع الخاص، بعد أن مهدت الإمارة الأرضية المناسبة للاستثمار بقوانين حازمة التطبيق.

فضلت أبوظبي، بقيادة الشيخ خليفة بن زايد أن تكون مقصدا للثقافة والفن، كونهما يرفدان الاقتصاد، ووازنت بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الفرنسية، فأنشأت متحف اللوفر، بنسخته الخليجية، وأسست فرعا لجامعة السربون، أعرق الجامعات في العالم، إلى جانب اعتزامها إطلاق مشروع تأسيس استديوهات هوليوود في أبوظبي، لتكون الأضخم في العالم بعد تلك الموجودة في مقرها بلوس أنجلوس.

قطر، وبإشراف مباشر من أميرها الشيخ حمد بن خليفة، اختارت التعليم والرياضة والصحة، متيقنة من أن ذلك سيسهل تدعيم اقتصادها، فراحت ترسم مشروعها لتكون قبلة الراغبين بالاستثمار في هذه المجالات، ما يضمن لها موطئ قدم في العالم بعد حين، فكانت أول دولة خليجية تستقطب الجامعات العالمية، والأكاديميات الرياضية، إلى جانب المستشفيات والمؤسسات الطبية الرائدة.

سلطنة عمان، بقيادة السلطان قابوس، آثرت الحفاظ على التراث، كعلامة تقدم بها نفسها إلى العالم، ورافق ذلك الاهتمام بالسياحة، بهدف تحويل السلطنة إلى مقصد سياحي، يستقطب الراغبين بالتعرف على مجتمعات المنطقة عن قرب، فكان أن تحول دخل الدولة من السياحة إلى بند مهم في ميزانية السلطنة.

المتابع للتغيرات الحادثة في إمارات الخليج العربي خلال السنوات الأخيرة، المقاربة لنا ثقافيا، والمشابهة لنا اجتماعيا، يرى أنها تتقاسم تبني مشاريع تنموية ثقيلة الوزن، عدا الكويت التي اكتفت بلقب الريادة، وفضلت الاعتماد في مشروعها التنموي على تصريحات صحافية، والتسويق لأفكار لم تدرس جدواها حتى الآن، وسأكتفي هنا بمرارة المقارنة، وحرقة الانتباه، لأن التنمية التي نريدها في الكويت «مو بالكلام»، ولمن يرغب بالاستزادة، عليه انتظار خطة الحكومة الشهر المقبل.

back to top