الحرمي: إسقاط الديون الكويتية على العراق خطوة تعج بـ الخطورة ويجب التفكير فيها جديداً بوخضور: إدخال قيمتها كـ رأسمال لبعض المشاريع الحل الأمثل للمعالجة
تناقلت الصحف ووكالات الأنباء المحلية والعربية خبر الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد إلى بغداد قبل نهاية العام الحالي، ويتوقع أن تكون الزيارة محملة بالملفات الثقيلة ومنها الديون الكويتية على العراق.من المتوقع ان تتصدر مشكلة إسقاط الديون الكويتية على العراق أجندة الوفد الكويتي الزائر للعراق، إذ وصف بعض الخبراء النفطيين والمحللين الاقتصاديين خطوة إسقاط الديون بـ«الخطيرة» كونها ستثير الرأي العام الكويتي، مشددين على ضرورة تغيير الآلية الحالية التي تتبعها القيادات السياسية في معالجة مشكلة الديون العراقية، مع ضرورة إقامة مشاريع مشتركة بين البلدين وإدخال قيمة الديون «كرأسمال» مع إيجاد حلول جذرية بعيداً عن أي تصعيد سياسي.
المحلل الاقتصادي والخبير النفطي حجاج بو خضور، رأى أن الآلية الحالية التي تتبعها القيادة السياسية لمعالجة مشكلة الديون الكويتية على العراق، تقليدية ولن تفلح في تقديم حلول جذرية لهذه المشكلة، مناشداً القيادات السياسية والاقتصادية في البلاد ضرورة معالجة مشكلة الديون بمنهجية تختلف عن المعالجات الاعتيادية التقليدية والبعيدة كل البعد عن أي تصعيد سياسي غير مبرر. نظام «التوريق»وأضاف بوخضور يجب تحويل قيمة هذه الديون من قيمة مادية «نقدية» إلى مشاريع تنموية مشتركة تعود بالنفع على جميع الاطراف، وفق برنامج مدروس وواضح ومحدد، يبرز طبيعة التعاون الاقتصادي بين الكويت والعراق، مشدداً على ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص وإشراكه مشاركة فاعلة وعدم تهميشه، وإفساح المجال امامه للقيام بدوره في العملية التنموية، فضلاً عن اتباع نظام «التوريق» أو التسنيد وهو أداة مالية لها صفة قانونية وتمويلية تقوم على أساس تجميع مجموعة متجانسة من الديون من حيث الاستحقاق والضمان كأصول وتحويلها إلى دين جديد في صيغة أوراق مالية معززة ائتمانياً بغرض تقليل المخاطر وضمان التدفق المستمر للسيولة المصرفية، أي بيع الديون الكويتية على العراق إلى شركات ومؤسسات متخصصة في الديون، وتحويلها إلى قيم أخرى من الممكن الاستفادة منها. ولفت إلى أن العراق يحتاج إلى الكثير من المشاريع التنموية والاولوية في تنفيذها للقطاع الخاص، على سبيل المثال لا الحصر عقود النفط التي ابرمها العراق مع بعض الشركات العالمية أو بعض المشاريع التي من الممكن ان تقام على الحدود الكويتية - العراقية كإقامة المدن التجارية، والمناطق الحرة، فضلاً عن استصلاح الاراضي الزراعية في العراق، والكثير من المشاريع النفطية، وامداد المياه والغاز الطبيعي من العراق إلى الكويت، كل هذه المشاريع وأكثر منها من الممكن القيام بها بين البلدين مع إدخال الديون الكويتية على العراق كرأسمال لكل هذه المشاريع والمبادلات التجارية. وناشد بو خضور أعضاء مجلس الامة ضرورة التروي والنظر بعين الحكمة في معالجة هذه المشكلة بعيداً عن أي شعارات رنانة هدفها دغدغة مشاعر المواطنين لان أي تصعيد سياسي لهذه المشكلة سوف يعقد الامور اكثر، وقد يصعب تسويتها على جميع الاطراف وقد يطول الوقت وتضيع وتفقد قيمتها من دون أي حلول تذكر. نظام المقايضةمن جانبه، قال الخبير النفطي كامل الحرمي: إذا طلبت السلطات العراقية من الكويت إسقاط الديون فيجب أن يتبع هذا المطلب نوعاً من انواع «المقايضة»، يستفيد من خلالها الطرفان، على سبيل المثال لا الحصر إمداد الكويت بالغاز الطبيعي العراقي، وهناك بالفعل انابيب غاز ممتدة بين العراق والكويت، وكانت تستخدم في الماضي ولا يوجد مانع في إعادة استخدامها من جديد في الوقت الحاضر.وأضاف الحرمي هناك بعض الدول كالمملكة العربية السعودية، دولة الامارات العربية المتحدة، وبعض الدول الاوروبية من أعضاء نادي باريس الدولي قد اسقطت ديونها على العراق، وهذه خطوة إيجابية تصب في مصلحة العراق، لافتاً إلى أن ما يحتاجه العراق في هذه المرحلة هو إسقاط اغلب ديونه المدان بها لكثير من الدول، لكي يستطيع الحصول على قروض ومديونيات جديدة.واعتبر الحرمي خطوة إسقاط الديون العراقية، خطوة تعج بـ«الخطورة» ويجب التفكير فيها جديداً، وموافقة مجلس الامة أولاً على هذا القرار قبل البدء في تنفيذه، مع وضع الآلية المناسبة له حتى نبتعد عن أي إثارة للرأي العام الكويتي، مشيراً إلى أن قرار إسقاط الديون الكويتية على العراق، سيتبعه مطالبة مباشرة من المواطنين بضرورة إسقاط القروض التي اقترضوها من الدولة، وهذا قد يضع الدولة في موقف محرج أمام المواطنين، واستبعد الحرمي حدوث أي تصعيدات سياسية لهذه المشكلة، لان السلطات الكويتية تعرف جيداً الاوضاع التي بات عليها العراق والتردي وبئر التراجع الذي سقط فيها في شتى المجالات، نافياً وجود أي مطالبات من قبل الكويت بسداد الديون العراقية هذه الايام. واشاد الحرمي بالخطوة الجريئة والقوية التي سيقوم بها سمو رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد، لزيارة العراق واصفاً إياها بالممتازة، كونها ستعمل على إعادة تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وتعد أول زيارة رسمية يقوم بها وفد كويتي رفيع المستوى إلى العراق منذ الغزو الصدامي الغاشم على البلاد عام 1990، مناشداً القيادات السياسية في الكويت والعراق، ومجلس الامة الكويتي والمجلس الوطني العراقي ضرورة إفساح المجال أمام القطاع الخاص وتقديم جميع التسهيلات له، مع ضمان الامن والسلام والاستقرار من قبل العراق قبل القيام بأي خطوة بعيداً عن الصراعات التي لا تنتهي في العراق هذه الايام.