اختزال حياتنا في المجلس!
عندما يتحدث لك صديق عن شؤوننا المحلية يخيل لك أن الكويت تخلو من أي شيء فيه حياة، ووحدهما اللذان يتحركان عبثا هما أعضاء مجلس الأمة والحكومة، وهذه حقيقة وواقع لأن المفكر والفنان والنحات والمسرحي والمعارض السياسي الحقيقي والوزير الجريء اختفوا من حياتنا اليومية، وهذا منبع حالة الملل.أول العمود: هنيئاً للطفلة الفلسطينية التي ماتت تحت أنقاض المدرسة التي دكتها إسرائيل، (حنظلة) ناجي العلي أدار ظهره لكل عربي، وبدأ ينظر إليك أيتها الجميلة.
*** هناك حالة مزمنة نعيش تفاصيلها في الكويت منذ عقود، وهي اختزال حركة المجتمع وأسئلته ومصطلحاته فيما يجري بين الحكومة والمجلس داخل قاعة عبدالله السالم، حتى الصحافة أدمنت صوت المجلس والحكومة، ولذا فهي لا تجد خبزاً طازجاً تغذينا به في أيام العطل البرلمانية.لو قُدر لي أن أكون رسام كاريكاتير- وهي أمنيتي- لصوّرت الكويتيين كتلة متفرجين يرددون إشاعات عن مصير المجلس الذي هو من صناعتهم، وينتقدون أحوالهم التي يخلقونها بيدهم (كدخولهم إلى البورصة واعتراضهم على الخسارة)! أعتذر عما سأقول، وللتخفيف أطرحه على شكل سؤال: كم منا من المثابرين من أجل أفكارهم وأحلامهم؟ فشل «الإسلاميون» في تقديم أنفسهم كأناس كونيين بموجب مقولة «الإسلام هو الحل» واختزلوا الدين بالمحرمات (لاحظوا استخدامهم النادر لكلمة حرية أو ديمقراطية)، والليبراليون- مع التحفظ على التسمية- باتوا يخشون الحديث عن البديهيات التي عاشها الكويتيون في الخمسينيات والستينيات.وأصبح نحّات عالمي كسامي محمد- كمثال عابر- بلا ظهر من الدولة أو «الليبراليين» حتى، يستطيع وضع نصب أو تمثال لعبدالله السالم في ساحة عامة في الكويت، أما الأغلبية الصامتة- وهو مصطلح مضلل لا معنى له- فهم أنا وأنت الذين لا نعمل ولا نحلم، فتبقى مشكلاتنا وتشيخ، كالبدون وتمكين المرأة، ولا أقول تصويتها وترشحها، ودعم الشباب وتحقيق طموحاتهم عبر التعليم النوعي والتدريب وغيرها من المشكلات.كيف يختفي، من مجتمع يحب أن يكون حياً، عازفون وفنانون ومسرحيون وشعراء ومفكرون، وإن كان هؤلاء موجودين في نظر البعض فلماذا ألفوا النوم والتجارة؟ مسؤولو الدولة باتوا يكرهون العمل حتى أصبح الكسل سيرة ذاتية، يعرفون أنفسهم بها لنفر من أعضاء المجلس، وعندما يأتي من يشذّ عن ذلك ويعمل فإنه يلاقي أسوأ المواجهات (الوزير العليم وقبله الإبراهيم والصبيح... وآخرون).النقد والمعارضة، عملان راقيان لكنهما يصعبان على كثيرين من «المعارضين» لأن جوهرهما نبذ الحقد والكراهية، وقلّ من يعمل في السياسة اليوم- إن كان هناك سياسة في الأصل- ولا يحمل الضغينة للآخر الذي يتوجب نفيه، لا مناقشته والحوار والاختلاف معه.أتمنى أن أكون قد توصلت إلى حقيقة السؤال المخفف الذي طرحته في وسط المقال، والذي يتساءل عن: من الذي يعمل في الكويت؟