إن نواب الأمة خذلوك عدا صوتك وصوتنا، وضميرك وضميرنا، مسلم البراك، فمنهم من بلع لسانه على غير العادة، ومنهم من أطلق العنان لاتهامك قبل أن يفصل القضاء العادل في قضيتك، وعدا جمعية حقوق الإنسان والنقابات التابعة لاتحادك، سقطت الأقنعة عمن يدعون الدفاع عن الحريات.

Ad

أخي وصديقي المعتقل السابق خالد مشعان الطاحوس:

عشرة أيام مضت على اعتقالك، تغير لدي فيها بعض القناعات وسقط خلالها عدد من الشعارات، أحببت أناسا، وكرهت أناسا، وعتبت فيها على بعض الناس... هي عشرة أيام في عددها، لكنها كعشر سنين من حيث تأثيرها على ما أحمل من أفكار ومبادئ في عقلي.

خالد: ليتني لم أسمع صوتك فجر أمس، ليتك تركتني أعيش النشوة أمام منزلك في تلك اللحظة مع أبيك وإخوتك ومحبيك، لقد أفسدت فرحتي بنبرة صوتك الحزينة، وأجهضت أسئلتك على ما تبقى لدي من تفاؤل بالآخرين... لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ كلها تساؤلات مستحقة لم أجبك عنها، لكنها نبشت الجراح، وزادت من شعور «الشرهة» و«العتب» و«الألم» بداخلي.

إنها تجربة قاسية، ودرس يجب أن تتعلم منه الكثير، لا على صعيد ما تؤمن به من مبادئ وقناعات، فإياك إياك أن تكفر بها، بل حول علاقاتك بالآخرين، سواء كانوا أشخاصا، أو مؤسسات، فإن نواب الأمة السابقين خذلوك عدا صوتك وصوتنا، وضميرك وضميرنا، مسلم البراك، فمنهم من بلع لسانه على غير العادة، ومنهم من أطلق العنان لاتهامك قبل أن يفصل القضاء العادل في قضيتك، وعدا جمعية حقوق الإنسان والنقابات التابعة لاتحادك، سقطت الأقنعة عمن يدعون الدفاع عن الحريات، لا «تحالفها» ولا«منبرها» ولا«حشدها» ولا غيرهم، كلفوا أنفسهم عناء صياغة بيان بالتضامن معك، ولو من باب إبراء الذمة، وأنت من كنت في زنازين أمن الدولة رهن الاعتقال.

خالد: إذا كانت مؤسسات المجتمع المدني عجزت عن إيصال رسالة رفض التعسف في استخدام القانون والانتقائية في تطبيقه، فإن هناك من أوصل تلك الرسالة على رؤوس الأشهاد... إنهم ثلة من الشباب «ثنوا الأرجل» في منزلك، وأصبح الانتصار لك، ورد اعتبارك، قضيتهم الأولى... نعم لقد نسي الأخ أخاه، والابن أباه يوم السبت الماضي، فقط خالد الطاحوس هو من بقي في الذاكرة، فتواردت الأقلام على اسمك توارد الإبل الهيم.

قد يكون اعتقالك أحد أهم أسباب تفوقك، لكن تاريخك النقابي الناصع، ومواقفك المشرفة، ودفاعك عن الدستور والمكتسبات الشعبية والمال العام من خلال موقعك الوظيفي، هي في واقع الأمر دافع آخر لمحبيك، شجعهم ليقفزوا بك إلى المراكز الأمامية.

أدرك يا خالد أن التجربة كانت مريرة، وأنك ربما سألت نفسك في زنزانتك مستغربا ومتألما: هل أنا بالفعل مسجون في بلدي الذي أحببت؟ الذي عشقت؟ الذي ردتت سلامه الوطني عند طلوع كل شمس؟ لا يا عزيزي، الكويت لم تعتقلك، الكويت لم تتهمك، وهل تفعل ذلك أمٌّ بابنها؟ هم من فعل ذلك قبل أن تأتيهم الرسالة، ويصحوا من غفوتهم.

خالد... خالد... يا خالد: اسمعها مني وأنا الذي بت أراك في قاعة عبدالله السالم بعد أقل من شهرين، عندما تخرج وتعود إلى بيتك، عانق مسلم البراك، واشكر أنور الداهوم العازمي وعبدالله مجرن المطيري، وارمِ بعقالك وغترتك تحت أقدام أبناء قبيلتك، وقبل ذلك وبعده قبّل تراب الكويت، فهي تستحق، فأنا وأنت وهم، فداء للكويت رغم أنوفهم.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء