• كابوس الفضائيات: لا شك أن هناك تيارين يتنازعان الإعلام، التيار التقليدي الذي يريد إعلاما محافظا يتبنى المسؤولية الاجتماعية، ويتجه إلى الحوار، ويتجنب الاصطدام، ويحظر نشر ما يقترب من الخصوصية الفردية، ويلح على آداب المهنية، ويهمل تطويرها... والتيار الانفتاحي المتطور الذي يسعى إلى تحقيق الربح وكشف الحقائق ومراقبة أعمال الحكومة... والمحاولة بصعوبة الابتعاد عن التشهير، ومواد الضرر الأخلاقي، ولهذا السبب نجد المواضيع الإعلامية الحيوية غائبة عن المؤتمرات الإعلامية لدول الخليج، التي غرقت وأغرقتنا في مفاهيم الإعلام المشترك في محاولة لموازنة التيارين.

Ad

وحتى يومنا هذا يريد الإعلام الرسمي ممارسة سياسة الإغراق في البرامج الطويلة المملة الخالية من أي مدلول موضوعي، والتفاوت بين القنوات الرسمية في الخليج واضح للجميع... فما كان يميز تلفزيون الكويت، هو جودة البرامج الحوارية الحية الهادفة إلى تطوير الرأي العام، وتنويره تجاه قضايا الساعة... وهو ما افتقدناه بعد إيقاف العديد من البرامج الحوارية، ولجوء النواب والمشاهد أيضا، إلى قنوات «تسميم الفكرالشعبي»... لذا فالمسؤولية الاجتماعية والتنموية ملقاة على التلفزيون لإعادة بث البرامج الحوارية النشيطة... افتقدنا أيضا المتحدثين المهنيين القادرين على التحليل الجيد ونقل الصورة... فنحن في أمس الحاجة إلى التدريب والتطوير لمواكبة ما يجري في السوق الإعلامي الجديد.

• كابوس «الحكومة والبرلمان»: كيف نبدأ مرحلة البحث عن معوقات الإنجاز؟ أو كما يسميها البعض، أعذار عدم الإنجاز؟ ففي بداية كل فصل تشريعي، وتشكيل حكومي، يتسابق النواب في تسجيل كلمات الاعتراض العلني على بعض الأسماء المدرجة، والاعتراض الخفي أو من خلف الكواليس على أسماء أخرى... وتدور ماكينة الأسئلة البرلمانية «للنواب المستقلين»، وتتسابق معها الكتل لاحتكار الأسئلة الموجهة إلى الحكومة، وتذهب أسماء لها ثقلها ووزنها وسمعتها الطيبة، والتي عرف عنها الإخلاص للوطن والمهنة «كبش فداء»، ولم لا؟ فنحن في زمن غياب الحدود الفاصلة بين الدولة ونواب البرلمان، حتى تغلغل النائب في مفاصل الكيان الوزاري، وارتبط اجتماعيا وسياسيا بعناصر إدارية تساهم في تزويده بمعاول هدم، وأتساءل: هل هذا النائب ظاهريا معارض لكنه يدور في الفلك الحكومي كما يقال؟ أم العكس؟ لا أحد يدري.

• كابوس «معرض الكتاب الثالث والثلاثين»: ماذا لو أجرى القائمون على إدارة «معرض الكتاب» استفتاء حول الأوقات المناسبة للزيارة خلال إجازة نهاية الأسبوع؟ فبعد ثلاثة وثلاثين عاما من الانحدار في إثراء الحياة الفنية والثقافية و«تطفيش» العروض المميزة، وتجاهل المبدعين من الكتّاب وأهل «الإبداع الثقافي»... أتحفنا معرض الكتاب هذا العام، بإخلاء القاعات، يوميا وحتى أثناء عطلة نهاية الأسبوع، من الزوار من الواحدة ظهراً حتى الساعة الرابعة... والإخلاء يتم بشكل صارم وغير مفهوم، وكأنه عقاب للراغب في الاطلاع على الكتب في وضح النهار، أما الأمر الآخر فهو عدم تطبيق قانون منع التدخين... فموظف الاستقبال حريص على الحديث مع الزوار والسيجارة في فمه، غير عابئ بالمواد القابلة للاشتعال ولا وجوده قرب كتب الأطفال... ولا عزاء للثقافة والسياحة معا.

• كابوس «المؤتمرات»: وهي التي من فئة «لا فكر ولا موضوع ولا ثقافة»... وهي أقرب إلى المسابقات في النثر والخطابة، والمبالغات الوصفية والإنشائية، والتي أعدت بعناية لتكون غير مفهومة... وتتخللها رداءة اللغة حتى تبدو كأنها صفا من صفوف محو الأمية... والأسوأ أن يلجأ المشاركون إلى الارتجال، فتدخل في متاهات فكرية منسوجة للحضور الضحايا... ضحايا انقلاب مفاهيم الثقافة، نحن للأسف في زمن السعي للإشادة بالقمم قبل انعقادها، والحديث عن أفضليتها ونجاحها الذي فاق التوقعات... وعند بدء انعقاد القمة، واقتراب «مثقف»، عن طريق الخطأ من صالة القمة، يتم إبعاده و يقال له عفواً... فالدخول فقط «بالألقاب الرسمية».