عالم من رمال متحركة

نشر في 04-03-2009
آخر تحديث 04-03-2009 | 00:00
 أحمد عيسى لا تستغربوا من انضمام التكتل الشعبي إلى كتيبة الوطن المدافعة عن المال العام، ولا من تحول الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»، إلى خندق المعارضة، بعد أن شاركت في القرار الحكومي 30 عاما متصلة، ولا أيضا من انقلاب الدستوريين على الدستور، فنحن نعيش في عالم يسير على رمال متحركة.

نعيش يا سادة في عالم من الرمال المتحركة، فالثابت أصبح متغيراً، والمتغير لا يكف عن التقلب بين طرفين نقيضين، لذا لا تستغربوا أن تسير بلادي على نفس الطريق، فهي شئنا أم أبينا، لاتزال جزءاً من هذا العالم.

صحافي عراقي يقذف رئيس الولايات المتحدة الأميركية السابق جورج بوش بحذائه، خلال مؤتمر صحافي في بغداد لأنه تسبب بغزو بلاده، فيرد عليه بوش، هذا ثمن الحرية، دول رأسمالية تنكفئ للاشتراكية، فتؤمم مؤسسات مالية ومصارف في عالم يسير قدما بأقصى ما يملك للخصخصة، صناعة السينما في الشرق (بوليود)، تلحق نظيرتها الغربية بهزيمة مؤلمة في عقر دارها، فتسحب ثماني جوائز أوسكار دفعة واحدة، من أصل 24 جائزة، بفوز فيلم المليونير المتشرد، وهي مناسبة أقيمت لتكريم المتفوقين من صناع السينما الغربية.

مقترضون من بنوك ربوية يبحثون عن فتوى شرعية، تجيز لهم شراء ديونهم، ونواب يفتشون عن مخارج دينية لقوانين دنيوية، البريد الإلكتروني يصل إلى الهواتف النقالة لحظة إرساله، واشنطن تغلق معتقل غوانتنامو، وزير الخارجية الكويتي يزور بغداد في ذكرى تحريرها الثامنة عشرة من العدوان العراقي، نائب لا يقف احتراماً لسلام بلاده الوطني، المملكة العربية السعودية تحجم نفوذ المؤسسة الدينية، أخبار غد نتلقاها اليوم عبر رسائل نصية قصيرة.

مدانون بالتجاوز على المال العام ينالون البراءة، وسياسيون يرون أن أفضل حل للحفاظ على المال العام باستباحته، رجال أمن لا يطبقون القانون، قضاة يشتكون في المحاكم لإنصاف رواتبهم، عمال يضربون أكثر مما يشتغلون، نواب يصلون إلى البرلمان بمخالفتهم القانون على ظهر الانتخابات الفرعية، فيوجهون طاقاتهم ناحية إلغاء القانون الذي خالفوه.

وبناء على ما تقدم، لا تستغربوا من انضمام التكتل الشعبي إلى كتيبة الوطن المدافعة عن المال العام، ولا من تحول الحركة الدستورية الإسلامية «حدس»، إلى خندق المعارضة، بعد أن شاركت في القرار الحكومي 30 عاما متصلة، ولا أيضا من انقلاب الدستوريين على الدستور، فنحن نعيش في عالم يسير على رمال متحركة، ولا نعلم حقيقة متى يجب علينا التوقف، وإلى أين نسير، فالمهم في هذا الوضع أن نبقى متحركين، حتى إن كان ذلك عكس توجهاتنا ورغباتنا، لأن من يدفع الضريبة الأكبر هو المحافظ على موقفه وسط هذه الحركة، وكان الله في العون.

back to top