يسرقون الكويت... ويتباكون عليها

نشر في 24-12-2008
آخر تحديث 24-12-2008 | 00:00
 سعد العجمي في زمن استشراء الفساد ورواج ثقافة «الحرمنة» ووأد الروح الوطنية، توارت مصطلحات كثيرة مثل «الوطن أمانة- سيادة القانون- الكويت أولا- وغيرها من المصطلحات ذات الصلة»، وخلّف الفساد عبارة نتنة، مزعجة، مؤلمة، بات الصغير يرددها قبل الكبير « يا عمي من مسكها عشاها عياله».

في المشروعات المليارية تحدث السرقات والاختلاسات، وفي المناقصة ذات العشرين أو الثلاثين ألفاً هناك تنفيع وتجاوز، فكل مشاريع الدولة، كبيرها وصغيرها، يصاحب إقرارها وتنفيذها حديثاً عن «الحرمنة» والتعدي على المال العام.

السلطة وبعض الوزراء والنواب والقياديين، حتى المواطنين العاديين باتوا يتعاملون مع الوطن وكأنه غنيمة حرب يجب اقتسامها والتمتع بها، وتوزيعها على الورثة الشرعيين فيما بعد.

في زمن استشراء الفساد ورواج ثقافة «الحرمنة» ووأد الروح الوطنية، توارت مصطلحات كثيرة مثل «الوطن أمانة- سيادة القانون- الكويت أولا- وغيرها من المصطلحات ذات الصلة»، وخلّف الفساد عبارة نتنة، مزعجة، مؤلمة، بات الصغير يرددها قبل الكبير، والمسؤول قبل المواطن والحاكم قبل المحكوم... « يا عمي من مسكها عشاها عياله».

في السابق كان تطبيق «القانون» رادعاً لمثل هذا السلوك المنحرف، وإن غاب القانون حضر العامل الديني من بوابة الحلال والحرام، وإن غاب الاثنان معا كان «العيب» يدخل من بوابة «العرف» ليردع كل من يحاول أن يسرق أو يتجاوز، ولكن متى؟ يوم أن كانت سمعة الرجال وصيتهم كشرف البنت، في ذلك الزمن الجميل، زمن خالد المسعود وأحمد الخطيب وحمد الجوعان وأحمد المنيس وغيرهم من حضر الكويت وبدوها، من سنتها وشيعتها.

وحتى لا نوغل في القدم كثيراً، لنتذكر سنوات ما بعد الغزو العراقي، وفي ظل وجود مجلس الأمة لا غيابه، هل كنا نسمع بالاختلاسات والسرقات والتنفيع الذي نسمع به الآن؟ لنبسط الأمور أكثر، هل كان أحد منا يستطيع أن يزيد في مساحة بناء بيته متراً واحداً مخالفاً؟ وهل كان بمقدور أحد منا افتتاح بقالة أو مصبغة أو أي منشأة تجارية مخالفة في أي منطقة من مناطق الكويت كما يحدث الآن؟ بالطبع لا، لأن القانون بسيادته وهيبته، كان حاضراً وبقوة.

اليوم افتحوا جميع الصحف الصادرة، هنا خبر عن نائب، وهناك خبر عن وزير، وموضوع عن وكيل وزارة، وآخر عن ضابط، وعن موظف صغير، جميعها تتحدث عن سرقات وتجاوزات وتنفيع وتزوير، كل ذلك على حساب هذا الوطن المسكين.

اليوم تغير كل شيء، فالتجار يستميتون للوصول إلى قاعة عبدالله السالم، وهنا المشكلة، أما الكارثة فهي عند من دخلوا المجلس فقراء معدمين، وأصبحوا الآن من أصحاب الملايين.

على كل وفي ظل هذه الأجواء أتمنى من كتلة العمل الشعبي أن تتبنى اقتراحا يجبر أي نائب على تقديم استقالته من عضوية أي شركة تجارية ربحية بمجرد نجاحه في الانتخابات، متضمناً كذلك إجبار أي وزير أو وكيل وزارة أو مدير إدارة، بإبلاغ ديون المحاسبة ومجلس الأمة معاً، خلال أسبوع وعبر خطاب رسمي من الوزير، عن أي نائب يحضر أو يتصل مستفسراً عن مناقصة أو مشروع- في طور الطرح- يتعلق بأعمال الوزارة، بعد أن تحول نواب الأمة إلى تجار على حسابها.

back to top