لن أتحدث هنا عن التركيبة الحكومية الحالية، فالإخوة الزملاء الكتّاب لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا تكلموا عنها، خصوصا في ما يتعلق بآلية وطريقة «التغيير المحدود» الذي طالها، على اعتبار أنها ليست بالحكومة الجديدة ولا هم يحزنون.

Ad

بعد هذه الحكومة المحبطة لآمال وتطلعات الشارع الكويتي لا يمكن توجيه اللوم إلى رئيس الحكومة أو حتى إلى مَنْ قَبِل من الوزراء بالمنصب الوزاري نواباً كانوا أم غير ذلك، فهذه خيارات رئيس الحكومة، وهو من سيتحمّل نتائجها، وهي أيضا قناعات، ومن قبل بحمْل الحقيبة فعليه تحمّل تبعات هذه القناعة.

اللوم والعتب هنا أوجههما إلى القوى السياسية التي شاركت في الحكومة السابقة تحديداً، أما السلف كمشاركين في هذه الحكومة فهم لا يستحقون حتى «الشرهة» أو العتب، وحتى النقد الذي قد يوجه إليهم، بعد أن باتوا يرضعون من «ثدي» الحكومة، وينكرون نسبها كما جسّد ذلك تصريح النائب السلفي عبداللطيف العميري الذي انتقد بحدة تشكيل الحكومة، وممثل تياره أحمد باقر الذي يتربع على كرسي الوزارة كممثل للسلف.

انسحاب الحركة الدستورية والتحالف الوطني من الحكومة الحالية جاء متأخراً جداً، فحتى هذه اللحظة لا أجد مبرراً لاستمرار ممثليهما في الحكومة رغم بيان الاستقالة الذي وقّع عليه وزراء التيارين، والذي وجه سهام النقد إلى المجلس متهماً إياه بالانحراف وتشويه الديمقراطية وتعطيل التنمية، فالشجاعة السياسية كانت تتطلب عدم بقاء أي وزير يمثل «حدس» أو التحالف في تلك الحكومة يوماً واحداً حتى إن كانت قد استقالت.

في هذه الحالة كانوا سيضربون عصفورين بحجر واحد، لاسيما أنني أعتبر أن التحالف الوطني مازال مشاركا في الحكومة، عبر عضوته موضي الحمود، فإن لم يصدر بيان يبين أنه قد تم استبعادها كعضوة في التحالف، وأنها لا تمثله بأي شكل من الأشكال، فإنه سيكون بشكل أو بآخر مشاركاً في الحكومة، ولو من وجهة نظر الشارع الكويتي.

في اعتقادي أن عدم مشاركة القوى السياسية في هذه الحكومة، وفي هذه المرحلة تحديداً هو في مصلحة العمل الديمقراطي، ويشكل ضمانة نسبية لأي محاولة للانقلاب على الدستور، خصوصا أننا نتحدث عن تيارين من أكثر التيارات تأثيراً وقدرة على تحريك الشارع، كما حدث في حركة «نبيها خمس»، وعدم تمثيلهما في الحكومة الحالية يمنحمها مساحة أكبر للتحرك والمناورة للوقوف في وجه أي محاولات تستهدف الدستور والمؤسسة التشريعية، بعد أن كسر ظهرها «عبء» التمثيل في الحكومات السابقة.

هذا الوضع ينطبق أيضا على الشخوص كما هي حال القوى والتيارات السياسية، فاعتذار أشخاص بحجم أنس الرشيد وشريدة المعوشرجي ووليد الجري ومشاري العنجري عن قبول المنصب الوزاري وفق المنهجية الحكومية الحالية سواء في الاختيار أو العمل داخل مجلس الوزراء، تكشف لنا أن «الرجال» وحدهم يعتذرون عن المنصب الوزاري وإغراءاته، فللإصلاح رجال، وللحقائب حاملون، حتى إن كان الجميع يلبس الغترة والدشداشة.

* * *

بعد الإعلان عن حكومة التغيير المحدود تذكرت بيتاً للزميل الرائع فيحان الصواغ، أنقله هنا بتصرف:

«لا ذكرت «الحكومة» طرت لي كلمتين *** إنا لله وإنا إليه راجعون»