لا أُجيد ولا أُفضّل استعمال «أفعل» التفضيل، ولكني أضطر أحيانا لاستخدامها، ولست أكثر وطنية ولا حباً للوطن من غيري، كما أنني لا أحتاج إلى صك وطنية أو شهادة جنسية من أحد، فالمزايدة على حب الوطن والانتماء إليه مرفوضة تماماً.

Ad

مصر أكبر دولة عربية إسلامية وإيران أكبر دولة إسلامية شرق أوسطية والخلاف بينهما ليس جديداً أو نتيجة مظاهرة كما يتخيله البعض، ولكنه خلاف قديم قد تكون بدايته عاطفية سواء من جانب الشعب المصري يوم حدث الطلاق بين شاه إيران وشقيقة ملك مصر السابق، أو من الجانب الإيراني يوم استقبل السادات الشاه المطرود بعد ثورة الخميني، واستمرت الخلافات والتداعيات بعد اغتيال السادات، وإطلاق اسم قاتله على أحد شوارع طهران، بالإضافة للخلافات السياسية والتباين الفكري والمذهبي بينهما.

وعودة إلى الخلاف الأخير الذي جاء بعد بوادر صلح لم يكتب لها أن تستمر، فقد حدث تظاهر لبعض العشرات أمام قسم رعاية المصالح المصرية، وهم يحملون لافتات عدائية تندد بموقف مصر تجاه حصار غزة، مرددين شعارات مسيئة للرئيس مبارك ومطالبين بمحاكمته.

ولو حاولنا معرفة أكثر دول العالم تعرضا للشعارات المعادية وأكثر صور الرؤساء حرقا والأعلام تمزيقا في الشرق الأوسط لنالت الولايات المتحدة المركز الأول بامتياز، فأعلامها تمزقت «وتمرمطت» في جميع شوارع الشرق الأوسط بلا استثناء، وصور ودمى رئيسها تعتبر وقوداً دائما لنيران التظاهرات والاحتجاجات في هذه الدول، فما الضرر الذي أصاب الولايات المتحدة؟ وكيف تصرفت؟ هل قام الإعلام الأميركي بالصراخ والعويل والتهديد بالويل والثبور لهذه الدول وشعوبها؟ وهل انطلق كتّاب وصحافيو الولايات المتحدة في وصلة سباب وشتائم لتلك الأنظمة؟ لا... ولم... ولن يحدث ذلك، ولكن عندنا الأمر مختلف لأن هناك من يحاول إذكاء النار عن عمد بين البلدين وزيادة الفرقة بين الشعبين، ويحاول النفخ في نار الطائفية بينهما للانتصار لمذهبه ولو على حساب مصر... فمحاولة تحويل الخلاف إلى خلاف بين السنّة والشيعة، وأن هؤلاء ليسوا مسلمين، وأنهم كفار، كما ذكر أحد المستكتبين، أمر لا يقبله عقل ولا منطق، بل لا يستحق النقاش أساساً.

والسبب الثاني أن بعضهم يحاول أن يكون ملكياً أكثر من الملك، فيسعى إلى إرضاء أميركا عن طريق معاداة إيران، وقد فعلها السادات سابقاً، ولم يفز بشيء، حين استقبل الشاه المطرود، وحين ألغى المعاهدة المصرية السوفييتية من أجل إرضاء سيد البيت الأبيض، فماذا استفدنا؟! لا شيء.

إن معاداة إيران والدخول في صراع معها من أجل نيل رضا البيت الأبيض، أو انتصارا لمذهب ديني أمر مرفوض تماماً، وهي ليست في مصلحة مصر الوطن «وليس الشخص» ولا مصلحة شعبها.

وبالنسبة للموقفين المصري والإيراني حول حصار غزة فأمر يستحق النقاش والحوار وليس الصراخ والسباب، وبالتأكيد لا يمكن وصف الموقف المصري بالخطيئة، ولا يمكن الادعاء كذلك بتجاوزه مربع الخطأ، فهناك خطأ ما يجب تصويبه، أما الموقف الإيراني فعلى مدار القضية الفلسطينية كلها لم تقدم إيران- مثل معظم الدول العربية- شيئاً ذا بال للقضية، فمن المعروف للجميع (وليغضب من يغضب) أن مصر وعدداً محدوداً لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الدول العربية تحمّلت، وبصدق، هموم وأعباء القضية الفلسطينية، أما الباقون، ومعهم للأسف بعض القادة الفلسطينيين، فهم يتاجرون ويتربحون من وراء القضية، ويستغلون معاناة الشعب الأسير داخل غزة لتحقيق مكاسب سياسية. كما ذكرت فالموقف المصري يحتاج إلى مراجعة صادقة وأمينة من أجل نصرة الشعب الأسير، أما السباب فلن يجدي نفعاً ولن يفيد أحداً ولن يُعيد كرامة أو يُبقي زعامة!!

فمتى نتعلم أن نتناقش ونتحاور بدلا من أن نتلاعن و نتشاتم؟!