الدوار الكارثة... والاعتداءات الجنسية!
لا أدري من هو صاحب فكرة إنشاء دوار «الهجرة» الكارثي في نهاية شارع الغزالي قريبا من منطقة الضجيج، لكنني متأكد ومتيقن من أنه ينال عددا لا بأس به من اللعنات والدعوات كل صباح، مني ومن المئات من قائدي السيارات المحشورين على امتداد الاتجاهات الأربعة لذلك الدوار التعيس! الذي أفهمه ويفهمه الناس جميعا، أن الدوارات تنشأ لتخفف الازدحامات وتجعل الطرق أكثر انسيابية، الأمر الذي يقلل نسبة الحوادث، لكن ما حدث بعد افتتاح هذا الدوار «المنيل بستين أو سبعين نيله» هو العكس تماما، فقد تضاعفت الازدحامات، وازدادت الحوادث، وكثرت الاختناقات، بنوعيها، المروري والتنفسي! هذا الدوار العجيب، ورغم جهلي بألف باء الهندسة، أدركت منذ البداية، أنه مشروع فاشل سيأتي بنتائج عكسية تماما، فموقعه الخاطئ، وصغر حجمه، وضيق حاراته، أعطتني انطباعا مبكرا بأنه من المستحيل أن يستوعب الأعداد الهائلة من السيارات القادمة إليه من كل اتجاه، وهو ما حدث فعلا، لكن، على ما يبدو، كان لمهندسي الأشغال أو الداخلية رأي آخر!
الآن، بعد أن «لاعت جبودنا» وأصيب العديد منا بارتفاع في الضغط والسكر، نرجو ممن ورطنا أن يخلصنا ويجد لنا حلا، إما بإلغاء هذا الدوار وإرجاع الوضع كما كان عليه من قبل، وإما بعمل أذرع جانبية لاتجاهاته الأربع، أو بإنشاء طريق فرعي يربط طريق الغزالي بشارع المخفر في جليب الشيوخ قبل الوصول إلى الدوار، فأكثر السيارات تأتي من الغزالي متجهة إلى جليب الشيوخ «خلاص صرت مهندس»!العجيب في الأمر أن مبنى الإدارة العامة لمرور الفروانية، لا يفصله عن ذلك الدوار أكثر من مئة متر، ويشاهد الجماعة هناك المعارك المرورية الطاحنة، والحوادث المؤسفة المتكررة يوميا، إلا أن أحدا منهم، بارك الله فيهم، لم يتحرك ليطلب إعادة النظر في وجود هذا الدوار الغبي، وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد! ***إليكم أيها السادة حصيلة الاعتداءات الجنسية في يوم واحد من أيام «وطني حبيبي وطني الغالي»: «مدرس يهتك عرض طالب بالابتدائي»... «هتك عرض طفل في مدرسة بالرميثية»... «حدث يتهم ثلاثة بالاعتداء عليه»... «مواطن يبلغ عن خطف ابنته»... «رفضن الاستجابة لنزواته فأطاح بمركبتهن بكيفان»...!سيظن البعض أنه يوم استثنائي يختلف عن بقية الأيام، للأسف، غير صحيح، فصفحات الحوادث تكاد أن تمتلئ يوميا بمثل هذه الأخبار أخيرا، وما يتم نشره غيض من فيض، فكثير من الاعتداءات الجنسية ازدادت وبشكل خاص على الأطفال، ولا يتم الإبلاغ عنها، إما لخوف الضحية من المعتدي، وإما لتجنب الوالدين الفضيحة وأثرها النفسي على أطفالهم بسبب نظرة المجتمع البائسة، والتي تلوم الضحية في كثير من الأحيان!الموضوع يحتاج إلى دراسات مكثفة من المختصين لمعرفة أسباب هذه الظاهرة، التي تأتي مصاحبة لظاهرة العنف بأشكاله كافة، والذي تزايد في الآونة الأخيرة كثيرا، بدءا من جرائم القتل، مرورا بمشاجرات السكاكين و«العجرات» اليومية ولأتفه الأسباب، وانتهاءً بالحوادث المرورية القاتلة الناتجة عن استهتار بعض الشباب بأرواح البشر. المحيّر في الأمر، أن تتزايد هذه الحوادث والجرائم في مجتمع يشهد توجها واضحا نحو الدين أو التدين، حيث تزاحم عشرات الآلاف من أبنائه ليستمعوا إلى محاضرة تحثهم على التلذذ بالصلاة، وحرص عشرات الآلاف منهم على حضور صلاة القيام بالمسجد الكبير في العشر الأواخر من رمضان، وحاز نواب التيار الديني على أغلبية الأصوات في انتخابات مجلس الأمة، وكذلك في انتخابات الجامعة، أليس هذا تناقضا غريبا عجيبا؟!أن يزداد التدين في المجتمع وتزداد الجريمة في الوقت ذاته، ألا يستدعي الأمر بعض التأمل والتفكر، والحيرة الكبيرة أيضا! ***«نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب»... ينطبق هذا المثل تماما على بعض شركات التنظيف والحراسة التي لاتزال حتى الآن تماطل في إعطاء عمالها حقوقهم، فقد كثرت الشكاوى المقدمة من هؤلاء العمال على شركاتهم لوزارة الشؤون، التي بدورها لم تستوعب حتى الآن أن «من أمن العقوبة أساء الأدب»، وأنها إن استمرت في سياسة «الدلع» والتساهل مع بعض هذه الشركات، فسنشهد قريبا الجزء الثاني من فيلم «ثورة البنغال»، وربما الجزء الأول من «ثورة الصعايدة»!