بالرغم من وجود نظام تأمينات اجتماعية متطور في الكويت، فإن هنالك للأسف الشديد غياباً لصوت المتقاعدين، فلا جهة شعبية تمثلهم وتكون صوتهم المدافع عن مصالحهم، وليس لهم تمثيل مباشر في إدارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية.تمثل مرحلة التقاعد بالنسبة للإنسان محطة للراحة والاستمتاع بالحياة بعيدا قدر الإمكان عن الضغوط الحياتية، وذلك بعد أن قضى الجزء الكبير من حياته في العمل وما يتطلبه ذلك من جهد وتعب وعناء. ومن المفروض أن توفر الدولة سبل الراحة للمتقاعدين من خلال أنظمة التأمينات الاجتماعية التي يساهم فيها المتقاعد بجزء بسيط من دخله الشهري طول مدة بقائه في الوظيفة حتى تقاعده. ولأن إيرادات التأمينات الاجتماعية تأتي في الأساس من أموال المتقاعدين فإنه ليس للحكومة ولا لمجلس الأمة الحق في التصرف بهذه الأموال. وحدهم المتقاعدون هم من يملكون حق التصرف في أموالهم، لذلك عادة ما ينشىء المتقاعدون في الدول المتقدمة هيئات ومنظمات منتخبة تمثلهم وحدهم وتتولى الاهتمام بشؤونهم والدفاع عن مصالحهم وحماية أموالهم من سوء الاستخدام، ومراقبة كيفية استثمار هذه الأموال بشكل رشيد لضمان تنميتها وعدم تآكلها. كما أن الجمعية أو النقابة أو المنظمة الخاصة بالمتقاعدين عادة ما تعمل على توفير خدمات وتسهيلات معينة خاصة بالمتقاعدين، مثل إنشاء المستشفى التخصصي لكبار السن، وتوفير وسائل الراحة والترفيه والنوادي الصحية، وترتيب الرحلات السياحية الجماعية، والتأمين الصحي وتسهيل إجراءات حصول المتقاعد على بعض الخدمات العامة، والحصول على خصومات معينة للمتقاعدين من شركات ومؤسسات القطاع الخاص. بالإضافة لذلك فإن جمعية أو نقابة المتقاعدين تقوم بترتيب دورات خاصة لهم يستفاد منها في شغل أوقات فراغهم وتبادل الخبرات لتأهيلهم على كيفية مواجهة ظروف الحياة بعد التقاعد.
ليس هذا فحسب، بل إن هنالك أحزابا في بعض الدول المتقدمة تمثل المتقاعدين وتسمى باسمهم ويكون لها دور مؤثر في توجيه الأصوات الانتخابية للأحزاب الكبيرة التي تطالب في برامجها الانتخابية بحقوق ومصالح المتقاعدين.
أما في الكويت فإنه بالرغم من وجود نظام تأمينات اجتماعية متطور، فإن هنالك للأسف الشديد غياباً لصوت المتقاعدين، فلا جهة شعبية تمثلهم وتكون صوتهم المدافع عن مصالحهم، وليس لهم تمثيل مباشر في إدارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية، لذا فإنهم لا يعرفون كيف تدار أموالهم ولا يدركون ما هو تأثير التدخل الحكومي والبرلماني في عمل مؤسسة التأمينات الاجتماعية الذي نتج عنه عجز مستمر منذ سنوات في ميزانية مؤسسة التأمينات الاجتماعية، قد يترتب عليه عدم قدرة المؤسسة في المستقبل على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المتقاعدين، فضلاً عن عدم وجود خدمات ميسرة ووسائل ترفية وتسهيلات خاصة بالمتقاعدين، بل إن أغلب المتقاعدين في الكويت سرعان ما يصابون بالملل والاكتئاب وتنتابهم الوساوس بأن حياتهم قد انتهت بمجرد ترك الوظيفة مع أن العكس هو الصحيح.
من هنا فإن المتقاعدين في الكويت بحاجة لقيام جمعيتهم أو نقابتهم التي تدافع عن حقوقهم، وترعى مصالحهم وتعمل على توفير كل ما من شأنه أن يصون ويحافظ على كرامتهم الإنسانية. ومن الممكن هنا الاستفادة من التجارب الإنسانية العالمية، حيث يشكل المتقاعدون في الدول المتقدمة قوة ضغط تحسب لها الأطراف كافة ألف حساب.
إنها دعوة للمتقاعدين الذين أظن أن عددهم حاليا يفوق الأربعين ألفا للإسراع في تنظيم أنفسهم والمطالبة بإنشاء جمعية أو منظمة أو نقابة تُعنى بشؤونهم وتدافع عن حقوقهم، وتوفر لهم حياة كريمة يستحقونها بعد خدماتهم العملية الطويلة.