«لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا»... عبارة حفظناها صغاراً وفهمناها شباباً وعشقناها كباراً.

Ad

سبق أن أرسلت إلى سيادتكم ثلاث رسائل مفتوحة في أبريل 2002 على صفحات جريدة «القبس» واليوم أعود ثانية لأخاطب سيادتكم بعد أن بلغ السيل الزبى و«طفح الكيل» كما يقولون، فليس من المعقول ولا المقبول أن نرى ما يحدث وتظل مصر غير قادرة على فعل شيء عاجزة عن اتخاذ قرار.

لا يا سيادة الرئيس هذه ليست مصر ولن تكون... هذه ليست مصر التي أحببناها وعشقناها، ليست مصر التي أنجبتك وأنجبتنا ونعمنا بخيرها وشربنا نيلها:

وللأوطــــــان في دم كـــــل حــــــرٍّ يـــدٌ سلفـــــــــت وديــــــــنٌ مستحــــــقّ

هذه ليست مصر التي أعدت أنت إليها كرامتها في 1973، هذه ليست مصر أكتوبر التي أذهلت العالم بقرارها وموقفها وشجاعتها... مصر أكتوبر التي أعادت للعرب كرامتهم أين هي الآن؟ أين مصر الآن يا سيادة الرئيس؟ لماذا هذا التخاذل وهذا الضعف؟ لماذا نقبل الدنية في ديننا وقوميتنا؟ إن حملات الاعتقال ومنع المسيرات بالقوة اللذين تقوم بهما أجهزتك الأمنية القمعية دليل ضعف وانهيار، وليس دليل قوة وانتصار، فلماذا يا سيادة الرئيس؟ لماذا لا تمنع فورا وتنفيذاً لأوامر القضاء- ونحن في بلد سيادة القانون- تصدير الغاز إلى إسرائيل؟ ولماذا لا تصدر فوراً وامتثالاً لإرادة الشعب قراراً بقطع العلاقات مع العدو الصهيوني؟ ولماذا لا تحترم رغبة الشعب يا سيادة الرئيس؟ الشعب الذي انتخبك وهلّلت له أجهزة الإعلام ورقص المنافقون من حولك، وقالوا: هذه إرادة الشعب، وهذا قراره، فلماذا أصبح هذا الشعب الآن طفلاً لا يدرك مصلحته ويحتاج إلى وصايتهم؟ وهل إذا انتخبك الشعب فهو راشد عاقل، وإذا طالب بطرد السفير فهو طفل جاهل؟!

إن الرئاسة كما ذكرت أنت تكليف وليست تشريفاً، ورئيس الجمهورية مسؤول عن تحقيق آمال شعبه وأحلامه، ومهمته هي المحافظة على كرامة شعبه وبلده لا إهانته، فإن لم تكن قادراً يا سيادة الرئيس على هذا التكليف، ولم تكن قادراً على المحافظة على كرامة شعبك فعذراً يا سيادة الرئيس.

أين ولي عهدك وأمين السياسات مما يحدث في غزة؟ ولماذا لم نسمع له صوتاً أو نقرأ له رأياً؟ وهل ينتظر نهاية المشهد ليرتدي ثوب الفارس ويسدل الستار؟ أم أنه لا يدري ما يقول؟ في كل الأحوال فالشخص الذي لا يمكنه اتخاذ موقف والدفاع عنه، فهو غير قادر بالتأكيد على قيادة شعب وزعامة أمة لقد خسرت الكثير يا سمو ولي العهد!!

صورة المواطن المصري التي تناقلتها وكالات الأنباء وهو يحرق جواز سفره هي هدية العام الجديد لوزير الخارجية الذي تساءل ساخراً من مجلس الأمن: إن شهداء غزة بالمئات والجرحى بالآلاف فإلى متى ينتظر مجلس الأمن لاتخاذ قرار بوقف النار؟ والسؤال الصحيح إلى متى ينتظر النظام المصري لطرد السفير وقطع العلاقات؟

أعلم أن البعض من الأصدقاء سيغضبون ويتساءلون لماذا مبارك؟ لماذا لا تتحدث عن الحكام العرب الآخرين؟ وأقول بوضوح إنني مصري وما يعنيني هو حاكم مصر وقرار مصر، أما الآخرون فلهم شعوب تحاسبهم ومواطنون ينتقدونهم، وأما أنا فما يهمني فقط هو موقف مصر وريادتها وكرامتها، والآخرون يكفيهم قول الشاعر العربي:

من يهن يسهل الهوان عليه مــــا لجـــــــرح بـمـيــــــــــت إيــــــــــــــلام

***

* الكاتب السياسي الذي اعتاد نفاق الحكام ويستغل نفاقه الفج في الهجوم على الزعيم جمال عبدالناصر يكفيه ردا قول الشاعر:

إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت

فــــإن كلمـتــــــه فرّجـــــت عنــــــه وإن خلـيتــــه كمــــدا يمــــــــوت