فخرٌ للعرب كلهم
من حق الكويتيين، الشعب والقيادة، أن يفتخروا بما تحقق على أرضهم، فهذا الإنجاز الذي حققته القمة العربية على الصعيدين السياسي والاقتصادي أعاد إلى العرب ثقتهم بأنفسهم وجعل العالم، حتى بما في ذلك الأعداء، ينظر إليهم باحترام وتقدير، وعلى أنهم في اللحظة الحاسمة قادرون على تجاوز خلافاتهم وتغليب ما هو ضروري ورئيسيٌّ على ما هو هامشيٌّ وثانويٌّ، وأعاد الهرم العربي إلى الوقوف على قاعدته بدل أن كان يقف على رأسه. والفضل في هذا هو للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وللقائد الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي من طبيعته أنه يعمل بصمت وبحكمة، تاركاً الثرثرة ولغو الكلام للآخرين الذين يمدون أيديهم الى الأوضاع العربية الداخلية من وراء الحدود، وهو أيضاً للشيخ «العُود» الشيخ صباح الأحمد (أبوناصر) وللأرض الكويتية الطاهرة، وللشعب الكويتي الذي احتضن هذه القمة بكرمه المعهود رغم مشاغبات بعض المشاغبين.
لا يفعل ما فعله خادم الحرمين الشريفين، بالتسامي فوق الإساءات وتغليب المصالح العليا للأمة العربية على تطاولات الذين تطاولوا على الدور السعودي وعلى مصر وعلى العرب الذين وُصفوا بأنهم محور الاعتدال، إلا قائدٌ عظيم فالحسابات الضيقة المحدودة الأفق هي للصغار وللمنغلقين على أنفسهم وللذين لجأوا ويلجأون إلى الوقوف على رؤوس أصابع أقدامهم ليصلوا الى مستوى هامة زعيم عربي، هو عبدالله بن عبدالعزيز، الشاهقة والشامخة وحقيقةً إن هذا ليس مفاجئاً ولا مستغرباً على المملكة العربية السعودية وعلى الذين تولوا أمانة المسؤولية فيها منذ الملك عبدالعزيز -أمطر الله تربته بشآبيب رحمته- وحتى هذه اللحظة. لا ينكر مواقف المملكة العربية السعوية المشرفة إلا حاقد ومكابر وصاحب قلب مريض، ولا ينسى أن القادة السعوديين كانوا على الدوام رواد توحيد ووحدة إلا الصغارُ الذين يبحثون عن أدوار أكبر منهم عند أقدام الآخرين، فالملك فيصل بن عبدالعزيز كان قد أنقذ الحالة العربية المتردية بعد هزيمة يونيو عندما تسامى فوق الجراحات والخلافات وفتح ذراعيه للرئيس جمال عبدالناصر، فكان نجاح قمة الخرطوم الشهيرة، وهذا ما كان فعله الملك فهد في قمة فاس الثانية، حيث كان الوضع في أعقاب حصار بيروت الشهير وفي أعقاب إخراج منظمة التحرير وقواتها من لبنان كما كان عليه الوضع العربي عشية قمة الكويت، التي جاءت موحِّدة بقدر ما كانت قمة الدوحة مفرِّقة. كانت المؤامرة عشية قمة الكويت قد نجحت في تمزيق العرب ودفعهم دفعاً الى أن ينقسموا الى معسكرين، وتيارين: الأول هو معسكر الاعتدال الذي تحلَّق قادته ورموزه حول الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فكانت هذه الخطوة الشجاعة الحكيمة، والثاني هو الذي أطلق على نفسه «فسطاط الممانعة» الذي يجب -بعد تطورات اليومين الأخيرين- أن «يشلِّع» أوتاد فسطاطه، ويلتحق بالخيمة العربية التي تتسع للجميع، والتي من المفترض أنها منيعة على الذين اعتادوا التسلل الى الواقع العربي من شقوق الخلافات والأبواب الخلفية. إنه يحق للشيخ «العُود» صباح الأحمد (أبو ناصر) أن يرفع يده البيضاء من غير سوء بإشارة النصر بعد أن حققت قمته وقمة الشعب الكويتي وقمة غزة والعرب كل هذه الإنجازات التي تحققت... فإشارة النصر التي رفعها محمود أحمدي نجاد في مكان آخر كانت أكبر عيب وعار على الأمة العربية، حتى بما في ذلك الذين زغردوا للرئيس الإيراني، بينما كان يرفع إشارة نصره هذه فوق رؤوسهم. * كاتب وسياسي أردني