خذ وخل: من سيربح المليار؟!

نشر في 28-01-2009
آخر تحديث 28-01-2009 | 00:00
 سليمان الفهد * حين توقفت الترسانة العسكرية الإسرائيلية عن ممارسة عربدتها الإجرامية في غزة الصامدة الصابرة فوجئ العالم (أحقاً فوجئ؟!) باقتتال الإخوة الألداء يسفحون دماء بعضهم البعض بشراسة عبثية تثير القهر والأسى، وتحرض على حضور قوات دولية تفصل بين الإخوة الأعداء الذين يقاتلون بعضهم لأجل «تحرير» شيك إعادة الأعمال وتجييره لمصلحة «حماس» الغالب في حرب المليارين المعمدين بدماء الإخوة، بدون أن يرف لأي طرف جفن البصيرة الحزبية العمياء! والمؤسف أن الإخوة الأعداء يتقاتلون على «غنيمة» الحرب قبل أن تكون بحوزتهم! وهذا لعمري «فتح» جديد في الاستحواذ والتملك! والمحزن أن حرب المليارين العبثية، يبدو أنها لن تتوقف إلا بعد أن يصل عدد الشهداء من الطرفين الشقيقين أزيد من عدد شهداء العدوان الإسرائيلي!

* يقول الشاعر «محمود درويش» في معرض تعليقه على تحارب الأشقاء على السلطة في غزة في مقالة نشرت له بصحيفة «الحياة» اللندنية: «أنا والغريب على ابن عمي، وأنا وابن عمي على أخي، وأنا وشيخي عليّ... هذا هو الدرس الأول في التربية الجديدة في أقبية الظلام». والدرس يطبق جملة وتفصيلا في الحرب الضروس المتمحورة حول من سيحظى بالمليار وحده دون غيره! ناسين ومتناسين أن الدول لم ولن تقوم بإجراء «مسابقة» دموية لمن سيربح المليار، ذلك أنها لا يمكن أن تحرض على مثل هذا الاقتتال العبثي الذي اختزله الشاعر درويش بعلامات استفهام مُرة طافحة بالسخرية السوداء (من يدخل الجنة أولا؟! من مات برصاص العدو، أو من مات برصاص الأخ؟! بعض الفقهاء يقول: ربّ عدو لك ولدته أمك!) ولكن لمن تغني مزاميرك الحادة يا درويش، فالقوم صُمّ بُكم عُمي فهم لا يسمعون سوى نداء الفتنة والغواية القائل: من سيربح المليارين؟!

* من هنا تبدو الحاجة ماسة إلى تدخل الجامعة العربية المتشظية، علها تجد الحل المستحيل المرضي للطرفين المتقاتلين: كأن تعمد إلى إجراء قرعة تحسم الفائز بضربة حظ! لذا قد يجد الفصيل الخاسر في القرعة قسمة ضيزى، لذا يمكن أن يلجأ إلى تقنية لعبة الكراسي الموسيقية، المعتمدة على أن «من سبق لبق» وكان نصيبه مناقصة إعمار غزة بدون شريك بالضرورة، لأن حرب المليار تستهدف نفي الخصم ليتسنى للفائز الاستحواذ على الغنيمة، بدون أن يرف له جفن إخوة الدم والكفاح ضد العدو المحتل، فلا يجد بأسا من أن يربح المليار على أشلاء الشهداء الأشقاء... وما دام كل طرف يشك في ذمة الآخر المالية، ويهاجمها بأبشع الصفات وأقذعها، فلا مناص من أن تكون الدول المانحة هي المعنية بإدارة الأموال المكرسة لإعادة الإعمار، علّ ذلك التوجه يفضي إلى وقف إطلاق النار كما فعلوا مع العدو المحتل.

back to top