بعد أن برأت محكمة الاستئناف السيد محمد الفالي من تهمة سب الصحابة، يحق لنا السؤال: من يحاسب النائبين وليد الطبطبائي ومحمد هايف على دورهما في القضية؟ لا أقصد محاسبتهما على أي دوافع طائفية قد تكون وراء تصديهما لها، حيث ليس هنالك ما يمكن إضافته إلى ما كُتب في الصحف في هذا الجانب، ولكن محاسبتهما على دورهما في ظهور النص التالي في حكم المحكمة: «ظروف إبعاد المتهم من البلاد من دون مثوله أمام المحكمة حالت دون مطابقة صوته بالصوت المسجل». فلنسأل: من تسبب في تلك الظروف؟ لتنشيط الذاكرة، لقد كان الفالي- وهو مواطن إيراني- يحمل تأشيرة دخول صالحة، وعندما دخل الكويت قام الطبطبائي وهايف بالضغط على الحكومة لإبعاده فنالا مرادهما، وأدى ذلك إلى الحؤول دون مطابقة المحكمة لصوته بالتسجيل الصوتي المقدم كدليل في جلسة الاستئناف، ما أدى إلى الحكم ببراءته.

Ad

إذن نحن نتحدث عما يعرف بـ«عرقلة سير العدالة»، بمعنى أن الطبطبائي وهايف ساهما في تبرئة متهم ربما كانت المحكمة ستجده مذنباً لو لم يُبعَد، من يحاسبهما على ذلك؟ من يحاسبهما على إرساء سابقة خطيرة بتدخل أعضاء السلطة التشريعية في صلاحيات السلطة التنفيذية من جهة، وتأثيرهما في حكم قضية منظورة أمام القضاء من جهة أخرى؟ ومن يحاسبهما على إرساء سابقة في العبث بأدوات المحاسبة الدستورية عبر حشو استجواب رئيس الوزراء بعدة قضايا لا تمت بصلة للدوافع الحقيقية من وراء الاستجواب؟ ومن يحاسبهما على إرساء سابقة سيئة في استغلال أداة الاستجواب خارج إطارها وأغراضها لابتزاز الحكومة؟ ومن يحاسبهما على إدخال البلد في أزمة سياسية ترتب عليها شلل تشريعي وفراغ تنفيذي لشهر ونصف؟ ومن يحاسبهما على تغذية أجواء مشحونة وتعميق هواجس الفتنة الطائفية؟ وهي هواجس موجودة وواقعية ومن السذاجة إنكارها بدليل رد فعل وزير الداخلية على حادث انفجار حسينية الأحمدي كما حلله الزميل علي خاجة في مقاله في «الجريدة» في 19 يناير 2009.

كما لا يجب إغفال دور الحكومة السلبي في القضية، إذ لو لم تستجب الحكومة بضعف لضغط المستجوبين لربما تسنى للمحكمة إثبات مطابقة صوت الفالي بالتسجيل الصوتي أو نفيه، ولانتهت القضية على نحو أكثر تكاملاً، فالحكومة كونها المسؤول التنفيذي عن قرار إبعاد الفالي ساهمت أيضاً في عرقلة سير العدالة. إن الخوف من تعامل الحكومة مع القضية نابع من تحوله إلى نمط متكرر كما حدث في قضية منح الجنسية وسحبها. نمط أساسه الضعف والخضوع للابتزاز على حساب المصلحة العامة ومصير الناس وسمعتهم وكرامتهم.

Dessert

بعد براءة الفالي، وصدور حكم لمصلحة وكيل وزارة الصحة السابق عيسى الخليفة ضد الطبطبائي قبل أسابيع في قضية سب وقذف، يا ترى متى يتعلم الطبطبائي درسه؟ ومتى يكف عن استغلال حصانة كرسيه البرلماني في استقصاد من لا يتفقون معه فكرياً... أو مذهبياً؟