نعم «المقاومة ليست أداءً ظرفياً»، كما يقول الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، و«المقاومة مستمرة في تعزيز قدراتها الدفاعية»، وانها «لن تسمح لأحد، أي أحد، أن يتبوأ موقعاً أمنياً أو عسكرياً مناوئاً للمقاومة أو يريد طعنها في الظهر»، كما ورد على لسان السيد نواف الموسوي مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» اللبناني... وهذا الكلام الذي أثار بعضهم هنا أو هناك وكشف نوايا آخرين يعدون العدة منذ مدة للقضاء على المقاومة اللبنانية في إطار تسليم مفاتيح المنطقة للسيد الأميركي، هو الحد الأدنى من الخطاب الذي تتوقعه الملايين من أنصار ثقافة المقاومة المنتشرين في ثنايا وتضاريس وشرايين وأوردة جسم الأمة في جدة والرياض ومكة والمدينة، كما في الصعيد وأسوان والإسكندرية، كما في الدار البيضاء والرباط، كما في صنعاء وعدن، كما في الجزائر وتونس، كما في قاهرة المعز، كما في السودان، فضلاً عن بيروت والجنوب اللبناني وطرابلس والبقاع وغزة ودمشق وبغداد وطهران، وصولاً إلى أنقرة واسطنبول وماليزيا وإندونيسيا والعالم الإسلامي كله حتى السور الصيني العظيم!
لماذا نقول هذا الكلام الآن؟! ذلك لأن ثمة مَن أقام الدنيا، ولم يقعدها بعد، إثر هذه التصريحات المستجدة من جانب رموز المقاومة اللبنانية، وحاول من جديد أن يربطها بالتحرش ونزاع الفتنة الطائفي الذي انطلق مجدداً من مدينة الفيحاء اللبنانية الشمالية، وهو السيناريو المعد سلفا للتوظيف في خدمة مشروع الفتن الطائفية والمذهبية المتنقل!إن هؤلاء المستنفرين أو المستفزين على خلفية التصريحات الآنفة الذكر، هم الذين اعتبروا أنفسهم أنهم المستهدفون في اتفاق المصالحة اللبنانية في الدوحة، وأنهم لم يتلقوا سوى الخيبة حصاداً لممارساتهم وسياساتهم السابقة، وأنهم خسروا الرهان تلو الرهان، بل كاد «صلح الدوحة» الشهير أن يتحول بمنزلة رصاصة الرحمة ضد مشاريعهم الاستئصالية كافة!إن هؤلاء المقطوعين من شجرة الأمة ظنوا للحظة أن المقاومين سيتأثرون بالمفاوضات السورية الإسرائيلية، مثلاً، أو بأجواء التهدئة بين «حماس» وإسرائيل، أو بأجواء المصالحة الوطنية الحقيقية التي أرادها ولايزال يصر عليها الشرفاء اللبنانيون كلهم، وهم الأكثرية الساحقة في الشعب اللبناني، فيتقدمون طواعية بتسليم سلاحهم إلى السيد الأميركي ويضعون خياراتهم بعهدة المتعاملين معه!لهؤلاء نقول: لقد خاب فألكم، فالمقاومون الشرفاء هؤلاء لا يحملون بندقية للإيجار! والمقاومون الأطهار هؤلاء لم يستندوا يوماً إلى معادلة دولية أو إقليمية ظرفية، وإلا ما كانوا بدأوا المقاومة أصلاً يوم كان عملهم يصنف في خيارات الجنون واللامعقول!ثم ان هؤلاء الموسومين بأطهر الناس وأشرف الناس، هم مجتمع مقاومة تمتد جذوره إلى أيام الإمام المغيب موسى الصدر وأبطال المقاومة الشعبية ضد المستعمر الفرنسي من أمثال أدهم خنجر وصادق حمزة وعبد الحسين شرف الدين، إذا لم يكن أبعد مدى ليمتد فيلتحم بالعهد الراشدي المسدد من البدريين والحسينيين والطالبيين والهاشميين!ألمثل هؤلاء يقال إنهم عملاء لمعادلة إقليمية أو دولية ظرفية طارئة تظن آنسة بائسة يائسة من آنسات «الشرق الأوسط الجديد» أن بإمكانها أن تسحب البساط من تحت أرجلهم المنغرسة في الأرض المقدسة؟!ألم تسمعوا أو تقرأوا حكايات التاريخ القريب والبعيد عمَن يسميهم الإعلام الحربي للمقاومة بـ«ليوث حيدر»؟!نعم... إن هؤلاء عملاء! لكنهم عملاء غير متقلبين، وثابتين في عمالتهم لوطنهم اللبناني الذي يعشقون، ولترابه الذي فيه ينغرسون! وعملاء لدينهم وقيمهم السامية التي بها يعتقدون ويتمسكون! وبالتالي... فإن ما قالوه هو الحد الأدنى الذي به يطالبون، وإلا فإن جموع الأمة التي سبق الإشارة إليها ستلجأ إلى خيارات قد يصبح معها السيطرة حتى على مشاعر أطفال بعض أمراء المنطقة الذين يطالبون آباءهم بإرسالهم للقتال في صفوف «جيش الرايات الصفراء» في إشارة الى جيش «حزب الله» -كما ينقل أحد الأمراء- أمراً مستحيلاً، فكيف بالسيطرة على جموع الكتل الجماهيرية الكبرى من المحازبين والأنصار المنتشرين في كل قرية وشارع وزقاق!* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني
مقالات
إنهم ليوث حيدر وليسوا حملة بنادق للإيجار!
26-06-2008