أسباب انقلاب حدس على النظام

نشر في 04-02-2009
آخر تحديث 04-02-2009 | 00:00
 أحمد عيسى قررت الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» مساء أول من أمس رفع سقف المساءلة السياسية في ملف إلغاء صفقة «الداو كيميكال»، لتطول رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، عبر استجواب سيقدمه نوابها بحقه خلال مدة أقصاها ستة أسابيع، كما رشح عن اجتماع الأمانة العامة للحركة.

«حدس» فضلت الاتجاه مباشرة إلى رأس الحكومة، وحددت مهلة الأسابيع الستة لبدء تحركها، بدلا من انتظارها أسبوعين آخرين لحين صدور تقرير لجنة تحقيق شكلها البرلمان بأغلبية أعضائه في جلسته المنعقدة الاثنين الماضي، للبحث في تفاصيل إلغاء صفقة «الداو» و«المصفاة الرابعة»، واقتطاع الـ 25% من إيراد شركة البترول إلى جانب تجاوزات شركة الزيت العربية.

إن تصعيد الحركة، لم يأتِ فقط لإبراء ذمة وزير النفط المستقيل محمد العليم، أو دفاعا عن القيادات النفطية، بل هو مسعى سياسي لتسجيل موقف استباقي، بعد تأكدها من قرب تعرض البلاد إلى عواصف سياسية قد تودي بالدستور، متى ما شرع البرلمان في مناقشة الملف الاقتصادي والمالي للدولة الأسبوع المقبل، وسط تباين واضح في الآراء والرؤى وسبل المعالجة، بين النواب من جانب، وبين السلطتين من جانب آخر.

لاحظوا هنا أن هامش مناورة الحركة لا يتعدى أسبوعين، لكنه يكشف سعيها لضمان مادة انتخابية تعيد تسويقها أمام الناخبين، متى ما تم اللجوء لخيار الحل، إذ بينما يفترض بلجنة التحقيق البرلمانية تقديم تقريرها للمجلس في 27 مارس المقبل، وجدنا تقويم «حدس» يقف عند تاريخ 16 مارس كموعد نهائي لتقديم استجوابها للرئيس حول «الداو»، إلى جانب تضمنه إشارات حول تردي الحال السياسية والمالية للدولة.

الحركة الدستورية الإسلامية، هي الذراع السياسي لتنظيم «الإخوان المسلمين» في الكويت، وهو التجمع الذي ارتبط اسمه بالتيار الديني، وهو من تحالف مع النظام لشل اليسار المعارض خلال السبعينيات، ففتح له النظام المنابر قبل المناهل، ليقوى ويواجه خصمه، فكان أن تراجعت الدولة في عهده، وعمّها الفساد، على مدى الثلاثين عاما الماضية، وهي عمر الحلف الاستراتيجي بين الطرفين، تمكنت خلالها من مفاصل الدولة، وأحكمت فيها سيطرتها على قطاعات النفط والتعليم والاقتصاد والسياسة.

أما اليوم، فقد انقلب «الإخوان المسلمين» على النظام، وقرروا ارتداء ثوب المعارضة، لأنه الموضة السائدة حاليا في الشارع السياسي الكويتي، فخرجوا من الحكومة بعد عطاء دام 30 عاما، وأعلنوا بعد كل هذا العمر تحميلهم رئيس الحكومة وحده مسؤولية تردي الحال السياسية والمالية للدولة، متناسين أنهم شاركوا في القرار الحكومي على مدى الثلاثين عاما الماضية، وعليه فهم يتشاركون معه مسؤولية المآسي التي نعانيها الآن.

«حدس» فيها من الانتهازية السياسية ما يستحق أن يُدرس ويدرَّس، فهي تغلغلت في المجتمع كحركة موالية للحكومة، شبت على ضرب اليسار، وتغذَّت من خير النظام، واستقوت بتحالفها مع السلف، وبعد كل هذا انقلبت، فعادت الحكومة، واتجهت لليسار، وتنكرت للسلف في أكثر من موقف، وهو ما يؤكد أنها حركة سياسية بحتة، لا مبدأ لها سوى مصلحتها، وكم أتمنى ألا يكون انقلابها على النظام، وفي هذا الوقت تحديدا، دليلا على غرق السفينة، لأن من يستشعر الخطر أولا، عادة ما يكون أول من يقذف بنفسه بعيدا عنها.

back to top