خذ وخل: تدويل الشرطة الكويتية!

نشر في 04-02-2009
آخر تحديث 04-02-2009 | 00:00
 سليمان الفهد قد يكون مفهوماً لجوؤنا إلى استيراد شغيلة المنازل وعمال النظافة والبناء وغيرهم، لكن المثير للدهشة والغرابة والغضب والاستهجان يكمن في «اضطرارنا» إلى استيراد الشرطيين رجالاً وحريماً إناثاً على حد سواء!

* في الوقت الذي تجد فيه تكالباً شديداً على الانضمام إلى كلية الشرطة، تجد في الوقت نفسه عزوفاً من شباب الوطن عن الانخراط في صفوف الشرطة! ربما لأن الكويتي «يولد» ضابطاً مهيباً يشار إليه ببنان الفخر والإعجاب! من هنا: تراه يعزف عن مهنة ومهمة الشرطي؛ ويهرب منها تاركاً الميدان لغير الكويتيين الذين باتوا يستحوذون على مهنة الشرطي ويستأثرون بها لكونها مشرعة لهم وحدهم دون أن يزاحمهم أحد من المواطنين!

وأحسب أنه صار معروفاً للقاصي والداني في البلاد: بأن مهنة الشرطي طاردة للمواطنين، وغير مرغوب فيها من قبلهم! ولعلي لا أجافي الحقيقة إذا نوهت بأن صورة الشرطي القابعة المتربعة في الوجدان الشعبي: قبيحة ومكروهة وغير محترمة! وبات الحديث عن غياب هيبة الشرطي تلوكه الألسنة كما اللبان، في سياق النميمة عن تضعضع وتضاؤل هيبة الدولة وسلطتها وسطوتها على الأرض! وهذه المقولة تشي بأهمية دور الشرطي وفعله في حياتنا اليومية، لكنها أهمية غائبة ومغيبة!

* في نهار 25 يناير الماضي كنت أمتطي سيارة أجرة من وسط البلد بالقاهرة ميمماً صوب معرض القاهرة للكتاب، وفوجئت بشرطي المرور يوقف السيارة، فتوجست خيفة، لكن الرجل خيّب ظني حين وجدته ينفح السائق وردة ندية بهية مصحوبة بابتسامة مليحة غير مألوفة، مقارنة «بالسوابق» السلبية الحاضرة طوال العام! لأول وهلة حسبت الشرطي متورطاً بحزمة ورد يريد التخلص منها، إلا أننا بعد خطوات لاحظنا ضابطاً يهدي ركاب كل سيارة «شوكلاطة» بمناسبة عيد الشرطة، لكني أخشى القول بأن هذه البادرة الإنسانية الحضارية لا قيمة لها، ولا جدوى منها، مادامت العلاقة اليومية بين قائدي السيارات وبين رجال المرور والنجدة والأمن العام غير صحية وطافحة بمظاهر العلاقة المتوترة السيئة! وكأن لسان حال سائق سيارة الأجرة الذي حظي بالوردة و«الشوكلاطة» يقول: «لاقيني ولا تغديني»! لأن وردة المعايدة لن يكون في مقدورها مسح تراث العلاقة السلبية بين الشرطة والأهالي!

* ولا شك عندي في أن وزارة الداخلية موقنة جدا بأن صورة الشرطي «جيكرة» في عيون الناس، وأن هيبته أحيلت إلى التقاعد والاستيداع منذ سنين عدة، لكن مهمتها بشأن تحسين الصورة واستعادة الهيبة، ومن ثم ترغيب وتحريض الشباب «من الجنسين» على الانخراط في السلك الشرطي، أحسب أنها مهمة عصية صعبة، لكنها ليست مستحيلة.

أقول ذلك بمناسبة الإعلان الذي نشرته وزارة الداخلية تطلب مواطنات من مجلس التعاون، تحسباً لعزوف الكويتيات عن الانضمام إلى سلك الشرطة، تأسياً برفض الذكور «المشوربين»، الذين لا يجدون غضاضة في أن ينوب عنهم الغير، لأداء مهام هي من صلب حقوقهم وواجباتهم كمواطنين! وقد يكون مفهوماً لجوؤنا إلى استيراد شغيلة المنازل وعمال النظافة والبناء وغيرهم، لكن المثير للدهشة والغرابة والغضب والاستهجان يكمن في «اضطرارنا» إلى استيراد الشرطيين رجالاً وحريماً إناثاً على حد سواء! والحق أن اللجوء إلى الخليجيات ليكنّ شرطيات كويتيات لا اعتراض عليه، لكونه يجسد استجابة تكاملية سكانية خليجية بمعنى من المعاني، لكن الخشية تكمن في استيراد شرطيات من بلاد السند والهند ومن لفّ لفهما!

back to top