من أكثر الأفلام المصرية الأخيرة غرابة فيلم «البلد دي فيها حكومة»، من إخراج عبد العزيز حشاد، تأليف شيرين شعراوي، نص وسيناريو وحوار طارق همام.

Ad

يستعير الفيلم أجواء سينما الـ «أكشن» ومشاهدها وشخصياتها والعصابات الهوليوودية، على نحو ساذج، يجعل بعض اللقطات غير مفهوم وركيكاً أو فجاً، أضف الى ذلك، كجزء من ضعف المخرج، أو بالأحرى عدم توجيهه للممثلين، أداء تامر هجرس المصطنع.

تصنّع هجرس، الذي يؤدي دور البطولة لأول مرة، يصل إلى حد تغيير صوته، ربما لتوهّمه أنه بذلك سيصبح عمر الشريف الجديد! ثم نلاحظ انفعال علا غانم وأداءها الزاعق عديم الإحساس، ونصل الى أداء عزت أبو عوف الذي يتأرجح على وتيرة واحدة مهما تنوّعت المشاهد أو تعاقبت.

غانم وهجرس وأبو عوف في فيلم «البلد دي فيها حكومة»... نماذج على ضعف الأداء وتكلّفه... يمكننا القول «قوة سماجة» ثلاثية الأبعاد.

يقدم الفيلم الضابط الكبير اللواء فوزي (عزت أبو عوف)، ومديرة البنك أميرة (علا غانم)، كنموذجين لأنماط من الانحراف أو الفساد، تليهما عصابة في الخارج والداخل بمستوى المافيا يُقتل رئيسها (السويفي) في معركة على يد ضابط الشرطة الشاب «أدهم» (تامر هجرس) ويقرر «جو» الإبن، وهو مجرم، شراسته لا تعرف حدوداً، الانتقام من الضابط!

نرى الانتقام يتحقق بمقتل الضابط وزوجته (نيرمين ماهر)، ثم نرى الضابط حياً يُرزق، قبل أن نكتشف في نهاية الفيلم أن زوجته أيضاً على قيد الحياة، لكن ليس بأعجوبة وإنما بتخطيط من زوجها، الذي يتضح أنه الفاسد الحقيقي فجأة من دون مقدمات أو تفسير من أي نوع... نحن أمام فيلم يريد أن يصدم مشاهديه في النهاية بمفاجأة ما تشبه «الإفيه» على نحو سخيف وغير مقنع وخال من المعنى!

نصل الى نهاية صادمة، فـ{نور» (هيدي كرم) الفتاة التي تعلّم القانون في الجامعة وكيفية تعقّبه الفاسدين من خلال تشريعات وإجراءات كافية... هي ابنة ذاك الضابط الكبير «اللواء فوزي». تدخل نور في قصة حب، من أول وهلة، مع الضابط الشاب «أدهم»... ثم تدخل في صدام مع أبيها، لتكتشف بعد ذلك الحقيقة القاصية في نهاية الفيلم كما أسلفنا.

لا ندري عما يعبّر الفيلم وماذا يصوّر أو إلى ماذا يرمي. الحقيقة أنه لا يشير إلا الى تشويش في أذهان صنّاعه، والى الربح غايتهم الوحيدة، لكنه هدف فشلوا حتى فيه بالتأكيد، لأننا أمام فيلم ممل لا يجذب ولا يحقق إيرادات.

ربما أراد الفيلم تصوير فساد بعض رجال الشرطة، كما رأينا في «هي فوضى؟» و{واحد من الناس» و{الجزيرة» و{حين ميسرة»، وهي أفلام حقيقية لها مقدمة وصلب وملامح ومبرر، أما «البلد دي فيها حكومة» فهو أقرب إلى حالة هلامية لا نعرف له رأساً من قدمين وبالتأكيد لا مبرر لوجوده!

يبدو أنه مثلما استلهمت سينما 2008 في مصر عروضها بأفلام «أكشن» بالغة الضعف والهزال، تفتقد لأي قدر من الإجادة أو الجدية، شاءت لنفسها كذلك أن تختتم العروض ونهاية العام السينمائي «بأشرطة» بالمستوى نفسه.

وكما علق البعض بأن: «الكوميدي أرحم!»، كمقارنة بين الأفلام الفكاهية الخفيفة التي سادت قرابة عشر سنوات سابقة، وأفلام الأكشن التي طفحت بوضوح على جلد السينما المصرية في موسمي سينما 2007 و2008... إنه أكشن بلا عقل ولا روح، لا يحتوي إلاّ على استسهال واستخفاف بدءاً من السيناريو والحبكة إلى التنفيذ والإخراج... فضلاً عن الأداء «الثقيل الظل» و{السماجة» كثيرة الأبعاد والوجوه.