في هذا اليوم الثلاثاء ستجرى انتخابات في اسرائيل ستكون من اهم الانتخابات التي جرت في هذه الدولة منذ انشائها في نهايات اربعينيات القرن الماضي، ووفقا لنتائجها، التي ستتضح بعد ساعات، سيتحدد مصير عملية السلام المتعثرة التي بقيت معلقة من رموشها لنحو خمسة عشر عاما، والتي كلما ساد شعور بأنها اقتربت من خط النهاية طرأ ما يعيد الامور الى البداية ويشكل انتكاسة لكل الآمال التي ذهبت بعيدا في التفاؤل، وبأن لحظة وضع حد لهذا الصراع التاريخي باتت قريبة.

Ad

في الساعات الاولى من صبيحة هذا اليوم نزل الى ميدان صناديق الاقتراع في اسرائيل خمسة وعشرون حزبا، بعضها حقيقي وفعلي وبعضها هامشي وثانوي، وكانت استطلاعات آراء الاسرائيليين قد اشارت مرات عدة عشية هذه الانتخابات الى ان التفوق سيكون الى جانب حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، وان الفوز سيكون من نصيب الاحزاب اليمينية، وهذا يعتبر دليلا، إن جاءت النتائج مطابقة لهذه الاستطلاعات، على ان المجتمع الاسرائيلي يسير عكس حركة التاريخ، وانه بدل ان يتقدم في اتجاه الواقع يعود نحو الخلف.

وحسب هذه الاستطلاعات فإن الذي سيحتل الموقع الاول هو حزب الليكود اليميني المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو، ثم يأتي بعد ذلك حزب كاديما بزعامة تسيبي ليفني وبعده حزب اسرائيل بيتنا، الذي هو حزب الاسرائيليين الروس الذين تبعوا كذبة الارض الموعودة متأخرين، ثم يأتي حزب العمل بقيادة ايهود باراك، الذي هو حزب الحركة الصهيونية، وهو المؤسس لدولة اسرائيل، وهو صاحب «الكيبوتسات»، والنقابات العمالية في الموقع الرابع.

والمؤكد انه اذا صدقت هذه التوقعات وإذا صحت استطلاعات الرأي، التي كانت قد تلاحقت عشية انتخابات اليوم، وفاز اليمين الفوز الذي سيمكنه من تشكيل الحكومة الجديدة فإن هذه المنطقة ستشهد المزيد من التوتر، وان عملية السلام المريضة اصلا ستعاني المزيد من الاوجاع، وهنا فإنه لابد من التذكير بأن بنيامين نتنياهو كان قد بدأ المعركة الانتخابية بالتأكيد للاسرائيليين على انه سيحول المفاوضات مع الفلسطينيين من مفاوضات سياسية هدفها الدولة المستقلة المنشودة الى مفاوضات اقتصادية هدفها تحسين احوالهم المعاشية.

لكن وخلافا لكل هذا الاغراق في التشاؤم فإن هناك من يرى ان اليمين الاسرائيلي هو تيار الحلول السلمية الصعبة والمستحيلة، وان مناحم بيغن، الذي كان تلميذ جابوتنسكي المتشدد، والذي كان يعتبر الأكثر تطرفا بين الزعامات الاسرائيلية كلها، هو الذي فاوض المصريين ووقع مع الرئيس السادات اتفاقيات كامب ديفيد المعروفة، وان بنيامين نتنياهو هذا نفسه هو الذي وقع اتفاقية الجلاء عن الخليل في عام 1996، وانه كان اعطى للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات اكثر مما اعطاه ايهود باراك الذي يتزعم حزبا يعتبر يساريا وفقا للمعايير الاسرائيلية.

في كل الأحوال ومهما كانت نتائج انتخابات اليوم فإن المؤكد ان كل شيء يعتمد على موقف العرب، وبخاصة بعد التوافق في اجتماع «ابوظبي» الاخير على انشاء كتلة التضامن العربي، والمطلوب هنا هو موقف موحد يفهم الاميركيين قبل الاسرائيليين ان مبادرة السلام العربية لن تبقى على الطاولة الى الابد، وانه ان لم تلتزم الحكومة الاسرائيلية الجديدة بحل الدولتين وتبدأ عملا جادا في اتجاه تنفيذه فإن ادارة الرئيس باراك اوباما هي التي ستتحمل مسؤولية ازدياد العنف وتنامي الإرهاب في هذه المنطقة.