شخص بمواصفات الشايجي «تجارياً» لن يجد من يشتريه لو عرض نفسه «للبيع»، لكن وفق مواصفات الوطن والمواطنة، فإن قيمة صالح الشايجي غالية، وغالية جداً، لأنه طاهر لم تدنسه السياسة كغيره ممن سقطوا في مستنقعها.

Ad

لم يسبق لي الالتقاء شخصياً بالزميل الكاتب صالح الشايجي، لكنني أصافحه يوميا من الأحد إلى الخميس في كل أسبوع عبر قراءة زاويته في «الأنباء»، وهي واحدة من ضمن الزوايا التي أحرص على قراءتها يومياً، لأنني أعتقد أن الشايجي أفضل من يكتب «المفردة العربية» بين جميع الكتاب الكويتيين. وبالمناسبه أيضا، ورغم اختلافي الكبير معه في الطرح، فإن الزميل نبيل الفضل من وجهة نظري يملك موهبة وحرفية التسلسل في الأفكار خلال مقاله، فهو من الكتّاب القلائل الذين يستطيعون أن يتطرقوا إلى أكثر من فكرة في مقال واحد من دون أن «يختل» سياق المقال، ودون أن تحس كقارئ بتباعد الأفكار رغم اختلاف القضايا، فهو يستطيع أن يكتب عن مسلم البراك ومضار التدخين والكباب الإيراني، في مقال واحد من دون أن تتشتت أفكار القارئ.

على كل، كتب الشايجي قبل شهر تقريبا مقالاً تحت عنوان «كويتي للبيع» جسّد حالة السواد الأعظم من الشعب الكويتي في ظل التطاحن بين الحكومة والمجلس، وفي خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتحت إرهاصات الاحتقان الاجتماعي والطائفي الذي أثر على علاقة المواطن بوطنه، فمات «بعير» الشايجي، قبل أن تزوجه الكويت «ناقتها» كما جاء في المقال الذي تضمن «نظرة سوداوية» قاتمة للوضع العام في البلد، فعرض الشايجي نفسه «كمواطن للبيع» وبمواصفات لا يسيل لها لعاب تجار هذه الأيام.

الشايجي لا يملك أسهماً في البورصة، ورصيده في البنك عرضة للشركات والجهات المقرضة، وهو ليس ناشطاً سياسياً، ولا منتمياً إلى تيار أو تكتل، حاله كحال «زيد» و«عمر» من أبناء هذا الوطن الذين يراقبون أسعار النفط ويتحسرون على أوضاعهم، وكأنه موظف البنك الذي يجمع الأموال بين يديه ويعدها يومياً وهو ولا يملك منها شيئا.

شخص بمواصفات الشايجي «تجارياً» لن يجد من يشتريه لو عرض نفسه «للبيع»، لكن وفق مواصفات الوطن والمواطنة، فإن قيمة صالح الشايجي غالية، وغالية جداً، لأنه طاهر لم تدنسه السياسة كغيره ممن سقطوا في مستنقعها.

* * *

ثورة تحطيم الأسعار، وتقديم الخدمات المميزة، التي أطلقت شرارتها شركة «فيفا» منذ دخولها إلى السوق الكويتية، وجعلت الشركات الأخرى تحذو حذوها، جعلت المواطن البسيط هو المستفيد الأول، وهذا يكشف لنا أهمية «التشريع» وإصدار مثل هذه القوانين التي تلغي الاحتكار وتفتح السوق أمام الجميع... نقول شكراً يا «فيفا» وشكراً لكتلة العمل الشعبي التي هندست قانون «الاتصالات الثالثة».