نعم ! كثيرون لا يعرفون مَن هو فلانتين؟ أو يلاحظون الخطأ في العنوان أعلاه، ولكنهم- رغم الفتاوى المكررة- يصرون كل عام على الاحتفال بما دُرج على تسميته «عيد الحب». هل هم جميعا عصاة زنادقة ومشركون كفار كما تصفهم البيانات الدينية السنوية؟!

Ad

الإصرار والتزايد السنوي للمحتفلين بالحب مؤشر للكثير من القضايا أهمها ضعف و«بلاهة» الفتاوى. فالناس غريزيا استوعبت أن الله عز وجل لا يمكن أن يعاقب أحداً على الاحتفاء بحبه للآخر. واستوعبت- كما أشارت أخيراً المدوَّنة الفذة «بيت القرين»- التناقض في دعوات رجال الدين، فأحيانا لابد أن نتبع أهل الكتاب (كإصرارهم على صوم عاشوراء تشبها باليهود) وأحيانا تحرِّم الاحتفالات البريئة حتى لا نتشبه «بهم»!

المؤشر الآخر الذي لا يستوعبه الساسة مدَّعو التدين أن الناس بحاجة إلى الفرح والاحتفال والخروج من النكد والكآبة المفروضة فرضا لأسباب لا يعلمها إلا الله. فأحيانا الاحتفال حرام وأخرى «ظاهرة دخيلة» والموضة الأخيرة «عدم احترام لمشاعر الآخرين»، وكأن فرض الكآبة سيعيد الفرح للآخرين ويرفع عنهم الضرر. والأمر أننا نجد مَن حرمونا الفرح يحتفلون و«يدبكون» ويضحكون وكأن الله أعطاهم حقا عصيا علينا. وغير ذلك الكثير الكثير الذي أدى بنا إلى «كآبة المنظر وسوء المنقلب» اللذين نعانيهما نحن جميعا.

من ناحية أخرى، فإن الاحتفال بالحب مؤشر صحة نفسية عاطفية وإدراك عام لأهمية الاحتفاء بالآخر سواء كان الزوج أو الصديق أو الأخ أو القريب. فها هو يوم في السنة نتوقف فيه عن التفكير بأنفسنا وبهموم الدنيا والآخرة ونبذل مجهوداً خاصاً لنعبر للآخرين عن مدى حبنا لهم ولأهميتهم في حياتنا. ونتشارك بهذا الاحتفاء الخاص مع إخواننا كافة في البشرية في أنحاء المعمورة كافة بغض النظر عن أصولهم أو أجناسهم أو أديانهم. ما أجمل من أن يتفق شعوب العالم على الحب؟

الكآبة والتوتر والغضب أصبحت من معالم الحياة في الكويت وذلك لأسباب كثيرة بعضها طبيعي ومفهوم وأغلبها مصطنع وغير مقبول. وبهذه الأجواء لا يمكن أن نتوقع التفاؤل أو الإيجابية أو الإنتاج. ولكن هنالك مَن يعمل بوعي ولا وعي لإنعاش وتجذير هذه الأجواء المرضية. ومن المفرح أن نرى مظاهر المقاومة والتمرد على هؤلاء.

الفرح ضرورة طبية ونفسية لتحمل «وعثاء السفر» وتجديد الطاقات وإلغاء أضرار التوتر الدائم على الجسم والعقل. والحب أرقى المشاعر التي لولاها لما كان هنالك رسول أو شاعر أو فيلسوف. فأتمنى للجميع يوما دافئا مليئا بالحب بالمفاجآت السعيدة وأدعو الله أن تكون جميع أيامكم فالنتاين!