ترِدُني أسئلة كثيرة من القراء، بشأن موضوعات أثيرها في هذه الزاوية، أجيب هنا عن بعضها، لاسيما تلك المتعلقة بالفكرة المطروحة وأساليب الكتابة، وأعتذر إلى مَن لم أستطع الرد على استفساراته.

Ad

* إلى عبد العزيز... من الرياض:

شكرا لاهتمامك، أما بخصوص كتابة الأغاني، فأنا لم أكتب أي أغنية، لا في السابق ولا في الوقت الحالي، وليس لي أي تجارب فيها ولن تكون، وبخاصة في هذا الزمن الذي فاض بكل شيء، ورخص كل شيء، فهناك الآلاف من المطربين والمطربات، وكذلك هناك المئات من القنوات الفضائية والإذاعية تعلف على الغث والسمين، ومن كثرة الازدراد بات الاستهلاك لأي كلام، وأي غناء، بحيث لم يعد هناك أي مخزون من الكلمات والمفردات الراقية الجميلة. الآن كل ما هو موجود إما تكرار أو إعادة للمنتج القديم تحت أسماء جديدة، وإما متجه إلى الغرف من السوقي، وغير الصالح لاستهلاك الذوق البشري. زمن الأغنية الراقية والكُتاب الكبار انتهى وولى؛ لذا ما عادت كتابة الأغنية مطمحا للشاعر.

* إلى عفاف من الكويت:

يا عزيزتي أنا لست من عشاق الحنين، ولكن الحنين هو من يعشقني ويتشبث بي، الحنين نقمة ونعمة، النقمة هي الوجع السادي الناتج عن الحنين الناهش، والنعمة تعود بي إلى الكاتب، فحين يهاجمنا الحنين يأتينا بذاكرة الحواس كلها بطلقة واحدة، وبدفقة عنيفة يصعب تحملها، وذلك عكس حال التقاطها، لأنها في حال معايشتها لا تأتينا بكل هذا التركيز، أي لا نعيشها معا، ربما تكون هناك حاسة واحدة تعمل كأن تكون قد رأيت أو شممت أو سمعت أو تذوقت أو لمست، وعند إعادة التشغيل وهو ما نطلق عليه مسمى الحنين، تهاجم ذاكرة الحواس بكل طاقتها وبدفعة واحدة من سمع وشم ورؤية وتذوق ولمس، وتصبح إعادة الفيلم أصعب وأفتك من دورته الأولى. واشتعال الحواس كلها وبكامل طاقتها الانفعالية أمر صعب تحمله، ولذا فالحنين هو الهروب إلى مرافئ الوجع، وليس هناك منه أي راحة.

* إلى الشاعرة حنان عبد القادر:

جميل أن تكتبي أغاني المهد أو شعرا لطفولة المهد، وهو ما يمثل إضافة حديثة، أعتقد أن محاولتك هذه رائعة، فبعد أغاني المهد التراثية تأتين الآن بالصورة الحديثة منها، لا أدري إن كان هناك من سبقك إليها، أحببت تجربتك قبل أن اقرأها، أتمنى أن ترسلي إليَّ ديوانك حتى أطّلع على الأغاني الخاصة بطفلك والتجربة الجديدة.

* إلى طلال، من الدمام:

مادمت قد ذكرت الموضوع وعندك تصور عنه وهو المواطن في الماضي والحاضر، وكتابة الرحلة في ما بين الاثنين، وما دمت تملك الخيال فما عادت هناك أي مشكلة، فلماذا لا تكتبه بنفسك، ستكون أفضل مني لأنك تملك تصور الفكرة الكامنة بداخلك، فما عليك إلا الاشتغال عليها وستنجح إن صممت على النجاح واجتهدت للوصول إليه.

* إلى نورة، من الكويت:

لستُ بناقدة، ولا أدعي هذه المقدرة، وليس باستطاعتي تقييم تجارب الآخرين، بإمكاني تذوق النصوص فقط، وهذا بسبب كوني روائية، ولذا فمن السهل علي إدراك أسرار اللعب الروائي، وهو ما يمكنني من معرفة «شغلي» على الأقل، وتذوق الأعمال الإبداعية التي أعجب بمساراتها وطريقة عمل التقنية فيها.

* إلى الروائي الصديق محمد العشري، القاهرة:

النص الذي يصل إلى الجميع دليل على جودة أسلوب الكاتب وشهادة لأصالة إبداعه، لأن وضوح مفهوم ما يكتبه الكاتب يدل على انتمائه إلى فكرته وأصل منبتها. أما النص المبهم وغير المفهوم فإنه يدل على عدم انتماء الفكرة إلى الكاتب وعدم أصالتها، وعندئذ ستكون إما مسروقة أو ملطوشة، وإما أن تكون تجميعا لأفكار ومفاهيم كبيرة لا تنتمي إلى كاتبها، لذا نجدها غير مفهومة وملغزة المعنى لأن من كتبها لم يفهمها أصلا ولم يلدها، وهذا سبب كاف للإبهام.