إن أسلوب البعض في غش القارئ بألفاظ ومفردات خادعة عن فكرة ما لا يستطيع صاحبها الدفاع عنها بموضوعية هو أسلوب عفا عليه الزمن، ولم يعد ممكنا الاستمرار فيه أو الاعتماد عليه، فالقارئ لم يعد بهذه السذاجة كي يمكن خداعه بإبدال حرف مكان حرف، أو إضافة همزة هنا أو حذف تاء هناك.
اللغة العربية غنية بمفرداتها ثرية بتعبيراتها ويجد فيها الكاتب متسعا وأرضا رحبة وظلالاً وارفة للتعبير عن آرائه وأفكاره، لذلك من العجيب أن يقدم الكاتب على التلاعب بالألفاظ، ووضع المفردات في غير محلها. ورغم إيماننا المطلق بحق أي إنسان في تبني ما يشاء من أفكار والدفاع عما يراه صوابا فإن ما يميز الكاتب هو صدقه وصراحته في الدفاع عن رأيه، فلا يجب أن يتلاعب بالمفردات من أجل الدفاع عن فكرة ما لا يستطيع الدفاع عنها صراحة، فيلجأ إلى أسلوب التبديل والتوفيق في الحروف هربا من المواجهة، ومن أجل خداع القارئ.من حق البعض الدفاع عن الاحتلال الأميركي للعراق بل من حقه- إن شاء- أن يدعو لاحتلال باقي الدول العربية مادام مقتنعا أن هذا الاحتلال مصلحة لهذه الدول وخيراً لمواطنيها وشعوب المنطقة، ومن واجبه أن يشرح للقارئ دوافعه من وراء ذلك، ولماذا يؤيده، ولا يمكن لأي شخص الاعتراض على حق الكاتب في ذلك، ولكن أن يتخفى وراء الألفاظ ويتلاعب بالمفردات لأنه لا يستطيع أن يدافع صراحة فهنا الخطأ الذي يجب ألا يقع فيه، فإما أن تكون مقتنعا بفكرك قادرا على الدفاع عنه بوصفه الصحيح وإما أن تتنازل عنه.هل يحق لنا التساؤل: هل جاءت القوات الأميركية بكل هذا العدد والعتاد والجيوش وقطعت آلاف الأميال لتجد نفسها مصادفة في أرض الرافدين؟! أم أنها كانت في نزهة وضلت الطريق ووجدت نفسها على أبواب بغداد؟! وهل دخلت القوات الأميركية إلى العراق في 2003 مصادفة أم بطريق الخطأ؟! أليس الاحتلال الأميركي للعراق تطبيقاً لاستراتيجيتها السياسية في الشرق الأوسط؟ وهل السيطرة الأميركية على نفط العراق سياسة مخطط لها أم مصادفة؟ وهل الوجود الأميركي في الخليج مجرد إحلال حدث بفعل الظواهر الطبيعية والجغرافية أم احتلال سياسي وعسكري مدبر له منذ فترة طويلة؟ وهل يمكن الادعاء بأن المخططات الأميركية وتقارير مجلس الأمن القومي الأميركي، والاستخبارات الأميركية منذ حرب الخليج الأولى، ولمدة تزيد على 20 عاما... هل كل ذلك مجرد إحلال حدث تلقائياً أم احتلال مدروس ومعد له سلفا؟!إن أسلوب البعض في غش القارئ بألفاظ ومفردات خادعة عن فكرة ما لا يستطيع صاحبها الدفاع عنها بموضوعية هو أسلوب عفا عليه الزمن، ولم يعد ممكنا الاستمرار فيه أو الاعتماد عليه، فالقارئ لم يعد بهذه السذاجة كي يمكن خداعه بإبدال حرف مكان حرف، أو إضافة همزة هنا أو حذف تاء هناك.لقد قام مواطن عراقي شعر بالاحتلال، ولم يفهم الإحلال بقذف حذائه في وجه رئيس الدولة المحتلة، وشعر أنه قام بواجبه ويتحمل نتيجته، ومن حق الآخرين ممن يفهمون الإحلال ويسيرون بفرح وخيلاء وهم يرفعون الحذاء الأميركي فوق رؤوسهم، من حقهم، أن يدافعوا عن رأيهم بلا مواراة ولا خداع ولا تزييف، وعليهم أن يتحملوا ثقل الحذاء... وكما قال أبو العلاء:خذي رأيي وحسبك ذاك مني على ما في من عوج وأمتوماذا يبتغي الجلساء عندي أرادوا منطقي وأردت صمتي
مقالات
الخداع بالحروف والهمزات
20-03-2009