الدعم الإيراني المطلوب وبوابة الشرعية العربية

نشر في 23-03-2009
آخر تحديث 23-03-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني أن نسمع تصريحاً من رئيس الدبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل يشيد فيه بالدعم الإيراني لقضايا العرب أمر جميل ومفيد، حتى إن جاء متأخرا «لأن السمك متى ما اصطدته سيكون طازجا»، كما يقول المثل الفارسي، غير أن اشتراطه لهذا الدعم- وهو يقصد بالتأكيد دعم القضيتين الفلسطينية واللبنانية بشكل رئيسي وربما قضية العراق أيضا– عبر بوابة ما سماه بـ«الشرعية العربية» يجعل من التصريح ملتبسا، بل يحمل مفهوم الضد مما ينتظره المحتاجون للدعم من أصحاب القضية.

وبالرغم من أن مفهوم «الشرعية» العربية بات أمراً مختلفاً عليه بشدة بين العرب أنفسهم فإن إدخال الإيرانيين في هذا السجال أو الجدال أمر غير محبب للعرب والعروبيين أصلا، لاسيما بعد «الحمية» المتزايدة التي بدأ بعض العروبيين الجدد من مروجي الفكر الليبرالي يبدونها أمام أي تضامن إيراني أو تركي مع قضايا الأمة العربية، خوفا من تأثيرات ذلك على استدعاء الفكر النهضوي والحضاري لمحمد عبده وجمال الدين الأفغاني الحسيني وغيرهما من دعاة وحدة الأمة، وخطورة ذلك على نهج التبعية والانقياد الذي يمثله هذا التيار المتحالف مع معسكر «الاعتدال العربي»، إلا أن المتتبعين والمطلعين على حقيقة ما جرى ويجري للأمة خلال الأعوام الستة الماضية من مآس، يضعون هذا الاشتراط في إطار «الصد» أكثر مما يضعونه في إطار الاستقبال والترحاب، ويقولون تفضلوا واستمعوا إلى الأدلة الكافية والشافية والوافية:

أولا: لقد كانت إيران الجمهورية الإسلامية أول دولة اعترفت بدولة فلسطين حتى قبل أن يعلنها الإخوة الفلسطينيون أنفسهم وذلك فور انتصار ثورتها في 11 فبراير من عام 1979 واعتبرت ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الإيرانية المعين من قبل المرحوم الشهيد ياسر عرفات سفيرا كامل الامتيازات لدولة فلسطين، ولايزال هذا المنصب قائما ومقيما فوق أي اعتبارات أخرى.

ثانيا: لقد ظلت إيران على علاقة ممتازة مع المنظمة وحركة «فتح» ولاتزال رغم كل التذبذبات، و... وهناك دعوة مفتوحة للرئيس محمود عباس لزيارة إيران منذ توليه الرئاسة وعد بتلبيتها أكثر من مرة، وكان ينقض وعده كلما اقترب موعد تحقيقه للوعد لأسباب يجهلها حتى سفيره المخلص للشرعية الفلسطينية في طهران، رغم إلحاح الأخير والتماساته المتعددة بأهمية مثل هذه الزيارة، والسيد عباس زكي ممثل المنظمة في بيروت مطلع على هذا الملف أيضا، لعله يفيدنا عن الأطراف الضاغطة أو المانعة لتحقيق مثل هذه الزيارة.

ثالثا: رغم كل ما يقال عن الدعم الذي تقدمه إيران لفصائل المقاومة الفلسطينية الإسلامية مثل «حماس» و«الجهاد» و... فإن دعم طهران للشرعية الفلسطينية بما فيها حركة «فتح» وكتائب شهداء الأقصى والمستقلين مستمر ومتواصل، ولم ينقطع يوما، ولمن يريد أن يتأكد ما عليه إلا الاتصال بالجهات المعنية.

رابعا: أما في ما يخص القضية اللبنانية فإن إيران ورغم الدعم الذي لا تنكره بل تتشرف به لـ«حزب الله» اللبناني ومقاومته الإسلامية، فإنها لم تبخل يوما في اعتبار لبنان دولة لها الأولوية مثلها مثل سورية وفلسطين في التعامل مع دول الطوق التي تعتقد بضرورة تعزيز كل قواها السياسة والمعنوية وصولا إلى العسكرية، ولمن يريد أن يعرف التفاصيل ما عليه إلا الاتصال بالدبلوماسيين الذين تناوبوا على إدارة سفارة بلادهم في طهران، وعندها سيذهلون بقوة الموانع التي وضعتها الأجهزة المناوئة لقيام أي تعاون إيراني لبناني على مستوى الشرعية لاسيما أثناء العدوان الصهيوني على لبنان في يوليو من عام 2006.

خامسا: أما في ما يخص العراق فإن التاريخ إن كشفت أوراقه المستورة من حوله فإنها ستثبت للأنام جميعا وليس لإخواننا العرب وحدهم، من هم المدمرون والمحطمون والمفرطون بالشرعية العربية ودورها تجاه العراق المظلوم والجريح والمباح للأجنبي المسعور، ومن هم المتواطئون في إحباط مشروع المرحوم الشيخ زايد لتجنب الغزو الأجنبي للعراق، ومن ثم مشروع أمين عام «حزب الله» اللبناني ومن بعده وزير الخارجية الإيراني لإنجاز «طائف عراقي» يجنب العراق غزو الأجنبي المشؤوم، و من ثم اقتراح رئاسي إيراني يحفظ بعض ماء الوجه «للشرعية العربية» وافق عليه كوفي عنان، وأحبطه من أحبطه من القيادات العربية التي حملني بعضها في حينه رسالة غير مباشرة مفادها «أن الغزو قادم كما الساعة آتية لا ريب فيها ونحن لا حيلة لنا في دفعه فلا تتعبوا أنفسكم أيها الجيران الطيبون».

هذا غيض من فيض يا معالي رئيس الدبلوماسية الأهم في الشرعية العربية، ولمن يريد المزيد نتمنى أن يحالفه الحظ يوما ليلتقي بسيد المقاومة اللبنانية، ليخبره ماذا فعلت «القبائل العربية» أمام جيش أبرهة الجديد ليلة مقايضة عاصمة الرشيد ببعض الكراسي والعروش، باسم الشرعية العربية.

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

back to top