لم أصادف ديناصورا في حياتي، باستثناء مشاهدتي له في متحف التاريخ الطبيعي في لندن، ومنذ ان انقرضت الديناصورات، ظل الفيل الاكبر حجما.

Ad

وضخامة الفيل تذكرني بالحكومة، فلا يوجد من ينافسها في ضخامتها، فهي وكيلة عنا نحن المواطنين في ملكية الدخل القومي وهو النفط بنسبة مئة في المئة، وذلك منذ التأميم عام 1975، وهي تملك 97 في المئة من الارض منذ 1954، وهو وضع استثنائي شاذ، ولكنه يزيد من ضخامتها، كما انها توظف ما يزيد على 85 في المئة من المواطنين، ولديها جيش، واسلحة لا تستخدم حتى للضرورة، وشرطة وضباط، وحرس وطني، واموال طائلة، وجهاز اداري، ولذلك هي ضخمة كما الفيل، وربما اكبر من الفيل، ولا يوجد لها منافس على ارضنا الصغيرة. حتى ان محاولة استنساخ منافس لها، ربما على هيئة فيل صغير، اطلق عليه لقب «حدس» بعد تحرير الكويت، لم تجد حظها من النجاح، فتحولت تلك المحاولة من موائمة الى مواجهة، وكذلك نسمع بين حين وآخر صفة تطلق على هذا النائب او ذاك بوصفه «اسد المجلس»، ولكن فيلنا ماض لا يلتفت، فهو الاضخم على اي حال.

منذ اربعين عاما ابدع سعدالله ونوس، رحمه الله، مسرحيته الخالدة «الفيل يا ملك الزمان»، وتحكي قصة فيل جاء به الملك إلى المدينة، فخرب اكثر مما اصلح، وهدم اكثر مما عمر، وانزعج منه الناس ايما انزعاج، ولم يعرفوا ما يفعلونه، حتى ظهر لهم رجل يدعى زكريا، وحثهم على ابلاغ شكواهم للملك. وعندما وافقوه على ذلك، اخذ يدربهم على كيفية الحديث في حضرة الملك، ومن ثم توزيع الادوار. وكان دوره ان يبدأ بمقولة الفيل يا ملك الزمان، ثم يقول احدهم المشكلة التي خلقها الفيل. وعندما وصلوا الى الملك دار الحوار التالي:

الملك: ماذا تريد الرعية من الملك؟

زكريا: الفيل يا ملك الزمان.

الملك: وما خبر الفيل؟

زكريا: الفيل يا ملك الزمان.

الملك: كاد صبري أن ينفد، ما خطب الفيل؟

التفت زكريا الى الناس من حوله فاذا هم صم بكم لا ينطقون، وخوفا من زكريا ان يُقطع رأسه قال: الفيل بحاجة الى فيلة تخفف وحدته وتنجب عشرات بل مئات الفيلة، الملك (مقهقها): كنت اقول دائما إنني محظوظ برعيتي.

بالطبع ليس هناك شبه بين احداث المسرحية الخيالية واوضاعنا في الكويت، لكنه من المؤكد أنه ما لم يتم اصلاح حال الفيل الحكومي فإنه لا امل يرتجى ولا مستقبل نأمل، مهما تقافز المتقافزون من اسود ونمور وثعالب، ولله الحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه. اقول قولي هذا ونحن مقبلون على موسم انتخابي جديد، سيأتينا فيه من يقول: «ان اردت الاصلاح ما استطعت»، وهو يدرك عن يقين عجزه المركب عن ان يصلح عجلات سيارته.

اصلحوا الفيل، فيعم الامان، وتغرد الاطيار، وتستقر الاوطان، وينام قرير العين ملك الزمان.

إنه الفيل يا ملك الزمان

إنه الفيل يا ملك الزمان