من يتحمل مسؤولية إصلاح النظم البرلمانية؟

نشر في 24-03-2009
آخر تحديث 24-03-2009 | 00:00
 د. ندى سليمان المطوع عندما أطلق الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، دعوته لإجراء الانتخابات العامة للمجلس التأسيسي وذلك بعد شهرين من الاستقلال، شكلت اللجنة الأساسية لكتابة الدستور، ودشنت الكويت أولى مبادرات الإصلاح الانتخابي في تاريخها البرلماني، حيث قُسمت المناطق وقتها، وفقا للقانون 28 لسنة 1961، إلى عشر «مناطق انتخابية» هي: شرق، وقبلة، والشويخ، والشامية، وكيفان، والقادسية، والدسمة، وحولي، والسالمية، والأحمدي.

وأُجريت في ذلك الوقت أول انتخابات برلمانية، ثم استمر «نظام الدوائر العشر» على مدى أربعة انتخابات متتالية... حُلَّ البرلمان من بعدها، وحَلَّت الخمس والعشرون دائرة مكان العشر في عام 81، وسط آراء تعددت بين مؤيد ومعارض، ثم تطورت مراحل إصلاح النظام الانتخابي إلى إقرار الحقوق السياسية للمرأة والدوائر الخمس.

ولو نظرنا إلى تجارب الدول في مراجعة نظمها الانتخابية لوجدنا أن الدول تتباين في تحولها من نمط انتخابي إلى آخر، إذ تتحمل مسؤوليته جهات متعددة؛ فدولتان مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا أعادتا تقسيم الدوائر الانتخابية وإدارة المصالح الانتخابية واختارتا إسناد الأمر إلى إدارة انتخابية مستقلة، رغبة في تعزيز استقلالية اتخاذ قرار التعديل والتطوير، أما المملكة المتحدة ونيوزيلندا، فمبادرة الإصلاح الانتخابي كانت تنطلق، قديماً، من الأجهزة والمؤسسات التي تقدم الخدمات الانتخابية تارة ومن الحكومة تارة أخرى، كما قامت بعض الدول بإسناد المشاريع التصحيحية للحركة السياسية لجمعيات النفع العام، كجورجيا وليبيريا، حيث تتحكم منظمات المجتمع المدني بالمشاركة وعدالة التمثيل وتسجيل القوائم الانتخابية والنزاهة وتعزيز مشاركة المرأة وتركيبة الإدارة الانتخابية بشكل عام، إلى جانب إصلاحات فنية وتكنولوجية تكسب العملية الانتخابية تحديثاً.

وما دفعني للحديث عن إصلاح النظم هو ردود الفعل حول الحديث عن إعادة النظر في تقسيم الدوائر، فعلى مَن تقع المسؤولية؟ اعتقدنا في السابق أن لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية ستتكفل بدراسات دورية عن المناطق الانتخابية، وسن الاقتراع، ولكن في ظل السباق الماراثوني في الاستجوابات، سرعان ما تعطلت عجلة التشريع البرلماني.

وفي شأن العدالة، فعندما تستشعر بعض الدول أن هناك خللاً ما يمس عدالة النظام الانتخابي وعدم استجابة الهيئة المنتخبة لتطلعات الناخبين، نراها تسارع باللجوء إلى تغيير نظامها الانتخابي، كما فعلت إندونيسيا، عندما بادرت في عام 2003 بتغيير نظامها الانتخابي من نظام القائمة النسبية المغلقة والدوائر الانتخابية الكبيرة الحجم، إلى نظام القائمة المفتوحة والدوائر الصغيرة الحجم... وعالجت التجربة الإندونيسية البعد الجغرافي الشاسع بين الناخبين وأعضاء البرلمان، فتتحمل الإدارة الانتخابية مسؤولية التواصل وتوفير المعلومات إلى جانب إعادة ترسيم الدوائر وإجراء الاستفتاءات.

وتحديث النظم الانتخابية يأتي بصفة دورية تبعاً لمتغيرات عديدة كازدياد عدد السكان، أو وجود فئات مهمشة ضعيفة التمثيل، وتُسند مسؤولية التنظيم في أغلب الدول الآسيوية إما إلى السلطة التشريعية وإما إلى جهة مستقلة... ولا يجب أن نتوقف عند الدوائر فحسب، بل يتيعين أن يشمل التحديث متابعة التسجيل والاقتراع بكفاءة ونزاهة، وتوفير مناخ أفضل للتنافس السياسي، وتحسين مستوى الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية، وتطوير العملية الانتخابية من الاقتراع اليدوي إلى الإلكتروني.

وفي النهاية، فالإصلاح ينبغي أن يستهدف ترسيخ الديمقراطية البرلمانية، وأن يفسح المجال لتلافي «العصبيات» بشتى أنواعها، وتحفيز المشاركة الانتخابية.

كلمة أخيرة: هل ستمنح فرصة الانتخاب لمن هم خارج الكويت عبر الاقتراع الإلكتروني؟ أم عبر السفارات؟

كلمة أخرى: نائب سابق، بعد أن استنفد كل ما لديه من اتهامات جارحة وجهها للسلطة التنفيذية وشارك في هدم الحياة البرلمانية... اليوم يراهن على ذاكرة الناخب الضعيفة وأصبح يطلق الشعارات الإصلاحية والمضادة للتأزيم!

back to top