إذا كان «بوصباح» لا يملك مصباح علاء الدين السحري يتكئ عليه عند التشكيل الوزاري، فإن سموه قد يضطر إلى استخدام مصباح «ديوجين» ويتأسى بفعله ليبحث في فضاء الكويت عن رجل يقبل بالتوزير دون خشية أو تحفظ.

Ad

لعل غُدة الدهشة لدى العبد لله انتهى عمرها الافتراضي، لأنه جابه إشهار التشكيلة الوزارية الجديدة القديمة، بمنأى من العجب العجاب والدهشة والاستغراب، لظني بأن سمو رئيس الوزراء ليس بحوزته مصباح «علاء الدين» السحري الأسطوري، فيدعكه بإحدى يديه، فيخرج الجني إياه هاتفا: «شبيك لبيك خادمك بين يديك»، فيأمره «بوصباح» بأن يطوف ويتجول في فضاء الوطن ليجلب له في التو والحين وزراء «كوايتة» من فصيلة المواطنين بالتأسيس وبيوتهم مزنرة بـ«ارتداد» فسيح وتقع على شارعين «بالصلاة عالنبي» بحسب إخوتنا المصاروة! وقد لا تروق شطحة الفانوس والجني للذين لا يعجبهم العجب، ولا تشكيل الوزارة في شهر محرم ويناير المباركين، وهو أمر يحرضني على الشطح في الخيال والخبال أكثر وأكثر! كأن يكون جل أعضاء التشكيلة الوزارية الجديدة من بنات حواء: السافرات والمحجبات والمبرقعات والمنقبات لتجسيد ديمقراطية كرنفال الأزياء المجسدة لألوان الطيف السياسي الكويتي... صحيح أن حكومة جلها من النساء بادرة غير مسبوقة، ليكن ذلك، لاسيما أن المرأة في العديد من الدول الآسيوية: تترأس الأحزاب والحكومات ورئاسة الدولة!

من هنا أقول -جادا-: ما الذي يمنع سمو الرئيس من أن تكون وزارته نسائية صرفة، أو مطعمة بوزراء «مشوربين» يتولون مهام الوزارات السيادية المجيرة للذكور فقط لا غير؟!

إن الحل المناسب لمشكلة التشكيل الوزاري تكمن -بداية- في إشهار الأحزاب الحاضرة في حياتنا السياسية، ومن ثم يناط بالأحزاب التي تحظى بالأغلبية البرلمانية تشكيل الوزارة كلها، وهو التقليد الشائع الذي تمارسه جل الدول الديمقراطية في العالم، ولا أعرف سر الخشية والتوجس من إشهار الأحزاب مادامت موجودة وتمارس أنشطتها جهارا نهارا، كما سبق لي أن نوهت عن ذلك في مقالة نشرتها إبان المعركة الانتخابية البرلمانية الأخيرة، وإلى حين يتم الأخذ بالاقتراح المذكور آنفاً، فإن أي تشكيل وزاري قادم سيجابه بردود فعل سلبية من قبل النواب والصحافة والرأي العام.

من هنا أحسب أنه حري بمجلس الأمة السعي الدؤوب إلى إقرار التشريع المناسب لصيغة حكومة الأغلبية البرلمانية، علها تنفي الأزمات المتواترة، وتقلل من عدد الاستجوابات الحاضرة بالحق والباطل، وتضفي إلى ترشيدهما، ذلك أننا- حكومة وبرلمانا وأهالي- لا يمكن لنا الحياة بكل ما تنطوي عليه من عمارة للأرض بالإنجازات التنموية، في ظل حضور الأزمات السياسية المتعاقبة طوال السنة، وكأننا «عاجقين الكون» كما يقول إخوتنا اللبنانيون عن برلماننا النزق سياسيا المراهق فكريا، وزمنيا!

إن أخشى ما أخشاه هو: أن تتمخض هذه الأزمات السياسية عن الوصول بالبلاد إلى «سكة سد» تحيل إلى الردة والنكوص اللاديمقراطيين... والعياذ بالله! لاسيما أن الردة السيئة الذكر تحظى بأتباع ومريدين يخبرهم «أهل قرية» جيدا، ويسمعهم حين يهتبلون كل أزمة سياسية تحدث في الوطن لإشاعة أسطوانة الردة المشروخة ذات النشاز بإيقاعاته العدمية الممجوجة السمجة.

والشاهد أن الردة التي يروج لها بعد كل أزمة سياسية حامية، وهي بمنزلة إبحار ضد حركة التاريخ، لكن البلية تكمن في أن المرتدين لا يقرؤون التاريخ، وإذا قرؤوه فلا يتعظون بدروسه لسوء حظهم!

وعوداً على بدء نقول: إذا كان «بوصباح» لا يملك مصباح علاء الدين السحري يتكئ عليه عند التشكيل الوزاري، فإن سموه قد يضطر إلى استخدام مصباح «ديوجين» ويتأسى بفعله ليبحث في فضاء الكويت عن رجل يقبل بالتوزير دون خشية أو تحفظ.