العزوف عن الانتخابات!
على الرغم من الطبيعة الكويتية «الملولة» وتميز الكثير من المواطنين «بالتحلطم»، خصوصاً في المناسبات السياسية ومن أهمها فترة الانتخابات، فلا نتوقع أن يقاطع عدد كبير منهم صناديق الاقتراع وهذا هو التصرف الراشد.حالة التذمر من مجمل الأوضاع السياسية عامة ومن أداء مجلس الأمة بشكل خاص بلغ حد الإعلان عن العزوف عن الانتخابات القادمة لدى أوساط شعبية من بينها النخب المثقفة والأكاديميون والنشطاء السياسيون، وهذا الشعور بحد ذاته أخطر من التعبير عن التململ والاحتجاج واتخاذ مواقف سلبية من المشاركة السياسية.
فالديمقراطية قدرنا السياسي وهي المرجعية التي لا يختلف عليها اثنان برغم كل الانتقادات والهجوم على المؤسسات الدستورية، وحتى حالة الإحباط التي يستشعرها الكثيرون بسبب الممارسات والسلوكيات ومستويات الخطاب السياسي والاستغلال البشع للسلطة والنفوذ لا تبرر الانسحاب من الساحة العامة، خصوصاً من قبل المثقفين والمتابعين للشأن العام ومن يعبر بصدق وإخلاص عن المصلحة العامة.وعلى الرغم من الطبيعة الكويتية «الملولة» وتميز الكثير من المواطنين «بالتحلطم»، خصوصاً في المناسبات السياسية ومن أهمها فترة الانتخابات، فلا نتوقع أن يقاطع عدد كبير منهم صناديق الاقتراع وهذا هو التصرف الراشد، ولكن نقول لـ «الآيسين» بالفعل ومن يفكر جدياً في مقاطعة الانتخابات وتحديداً من المخلصين للديمقراطية والحريصين على بلدهم، بأن ترك الساحة هو الهدف الذي يبتغيه صنفان من الناس: الصنف الذي يدفع دائماً وبمناسبة ومن دون مناسبة إلى وأد الديمقراطية والعبث بالدستور، والصنف الذي يسعى إلى السيطرة على الساحة باسم الديمقراطية وإزاحة المنافسين لهم لينفردوا بالأغلبية البرلمانية ومن ثم بالقرار وأخيراً التحكم بملامح الحياة المستقبلية لتحديد وجهتها ومساراتها. فالتطور الديمقراطي مشروع حضاري يتطلب الصبر والإصرار والتضحية وبذل الجهد ورصد الصفوف وطرح الرؤى والأفكار، وبعبارة أخرى نحتاج إلى إنجاح الديمقراطية حركة مجتمعية دائمة ومستمرة، رغم الإحباطات المتكررة والإخفاقات المتتالية والمشاكل المتراكمة، ولا يمكن إصلاح الحال بين ليلة وضحاها أو بالتنظير والتوجيه من فوق «كنبات» الديوانية الفاخرة أو على موائد البوفيهات أو من خلال عبارات سريعة وعابرة مع المسؤولين والنواب وغيرهم من الشخصيات العامة أمام أبواب صالات الأفراح أو أثناء تقديم واجب العزاء أو خلال الزيارات المكوكية الخاطفة للديوانيات أو حتى عن طريق نشر مقالة هنا أو الإدلاء بتصريح صحافي هناك أو بمداخلة تلفزيونية سريعة، فمثل هذه الأدوات وصور التعبير عن حالة السخط والإحباط والدعوة إلى التغيير لا يمكن أن تنجح من دون ترجمتها إلى واقع عملي وبرنامج مؤسسي وميداني على مدى السنة.فالديمقراطية ببساطة نظام حياة، والحياة متقلبة لا تبقى على حال وفيها الحلو والمر، والنصر والهزيمة، والصعود والنزول، والحق والباطل... والمهمة بالنسبة للكويتيين بلا شك أصعب وأطول وسط التنوع العجيب والغريب في التركيبة الاجتماعية والتعددية السياسية وهيمنة المشاعر القبلية والمذهبية والطبقية والمعارك الجانبية اللامنتهية أفقياً ورأسياً بين هذه المكونات الكثيرة في مجتمع صغير وغياب المؤسسات التنظيمية وفق معايير كويتية ووطنية وضياع حوالي نصف قرن من الزمن كان الهم الوحيد خلالها هو كيفية المحافظة على الدستور وسد ثغرات الفساد بكل صوره وأنواعه، ولكن ورغم ذلك كله يجب أن نقبل التحدي ونتحدى! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء