وساوس انتخابية!
أن تكون سياسيا، فذلك يعني أن تكون مراوغا ومناورا، بل حتى كاذبا في بعض الأحيان، وأن تكون متدينا، فذلك يعني أن تكون واضحا ومستقيما وصادقا في مطلق الأحوال، فالبعض يختار أن يكون «سياسيا» على الدوام، والبعض الآخر يختار أن يكون «متدينا» على الدوام، وهناك من يريد أن يجمع النقيضين اللذين لا يلتقيان: نقاء الدين وخبث السياسة، فلا يلبث أن «يتدنس» قلبه وعقله وضميره، فلا هو بسياسي ولا هو بمتدين، وانظروا حولكم، واحسبوا كم «متدنسا» لدينا؟! • التجربة مدرس قاس، يعطيك الامتحان أولا، ثم يقدم لك الدرس بعد ذلك، وتجربتنا السياسية الأخيرة كانت قاسية على الجميع بلا استثناء، لكنها قدمت لنا دروسا مفيدة في أهمية الاختيار الجيد من قبل الناخب لمرشحيه، بعيدا عن الأمراض المجتمعية كالفئوية والقبلية والطائفية، فهل سنحسن اختيارنا هذه المرة؟! آمل ذلك، مع أنني أدرك تماما أننا ننتمي إلى أمة لا تتعلم من تجاربها مطلقا، وتعيد نفس الأخطاء مرارا وتكرارا، لكن، مع كل هذا، لنتفاءل، فلن يكلفنا التفاؤل شيئا على أي حال!
• بما أننا دخلنا في موسم الكذب والوعود والضحك على الذقون، لنتذكر هذه الحكمة: «الحقيقة التي لا تواجهها اليوم بصراحة، تطعنك غدرا في ظهرك غدا»، والحقيقة التي نعرفها جيدا ومتيقنون منها، هي أن هناك دائماً بالقرب منا مرشحا نصّاباً وكذّاباً وانتهازياً، إن تجاهلنا هذه الحقيقة الآن، وقررنا اختياره مجاملة أو طمعا في منفعة شخصية، فعلينا ألا نُفاجأ إن جاءتنا طعنته غدرا في الغد، فنحن أعداء أنفسنا وقاتليها، لا أحد غيرنا!• أتمنى أن يدرك بعض المرشحين «الظرفاء»، الباحثين عن المكاسب الانتخابية في أسرع وقت، ممن يقضون وقتهم في إثارة النعرات الطائفية والقبلية والمناطقية بين الفينة والأخرى، أن هذا الوطن الصغير الذي ابتلي ببعض عقول أبنائه الخاوية «مو ناقص وفيه اللي مكفيه»، وليتفكروا في أحوال جيرانهم ممن انتشرت هذه النعرات بينهم، فمزقتهم ودمرت أوطانهم، فأجراس التعصب والتطرف والعنصرية إن دقت، فإنها تدق للجميع في الوقت ذاته، وتمطر المصائب والكوارث على الرؤوس كلها بلا استثناء، فارحموا وطنكم يرحمكم الله!• العجيب في بعض نواب مجلس الأمة السابق، أنه كان يصمت صمت القبور حين ينبغي له الكلام، ويثرثر كالعجائز حين ينبغي له الصمت، والأعجب أن صمته كان في ما يخص عمله كنائب، وثرثرته في ما يخص عمل الوزراء! • الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الإنسان العاقل الطبيعي تحمله في الصباح الباكر، هو النفاق والتزلف والرياء، وهو الأمر الذي لا تفهمه الصحافة عندنا بالمرة، فهي تنقل لنا كل صباح، وعلى صدر الصفحات الأولى، تفاصيل الوعود الانتخابية لبعض السادة المرشحين، ممن يضعون «مؤقتا» الشمس في يمين الناخب والقمر في شماله، دون أن تضع الصحيفة تحذيرا لكل المصابين بالقلب والضغط والسكري، تنصحهم فيه بتأجيل قراءتها إلى وقت آخر من اليوم، حفاظا على صحتهم!• نائب سابق ومرشح حالي، توعد رئيس مجلس الوزراء القادم «أيا كان» بالاستجواب، مع أن الرئيس القادم لم يُحدَّد اسمه بعد، ومازال في علم الغيب، فهل سمعتم بأمر كهذا يحدث في أي مكان في العالم؟! مرشح يستجوب «المستقبل»! يستجوب «الغيب»! المنطق يقول إن رجلا يصرح بكلام لا معنى له كهذا، المفروض أن يفقد حظه في النجاح تماما! لكن من يكترث للمنطق وهراء المنطق في هذا البلد؟! شخصيا... أتوقع أن يحقق هذا المرشح الفوز بسهولة تامة، لأن شعبيته ارتفعت كثيرا بعد هذا التصريح، على الأقل، هذا ما لمسته من حديثي مع بعض الناخبين!• أخيرا... فلندعُ الله جميعا، أن نكون على قدر المسؤولية في الأيام القادمة، وأن نكون جزءا من الحل، لا جزءا من المشكلة! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء