الإدارة بالتأجيل
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
المثال الثاني، هو مشكلة العمالة المنزلية غير الماهرة التي يزداد عددها عاماً بعد آخر وتعاني هي الأخرى ظروفاً معيشية وإنسانية صعبة جعلت منظمات حقوق الإنسان العالمية وحتى وزارة الخارجية الأميركية تركز عليها في تقاريرها السنوية التي وضعت الكويت ضمن قائمة الدول التي تتاجر بالبشر. وغني عن البيان هنا، ما يمكن أن تمثله هذه القوى البشرية غير المتجانسة من خلل في التركيبة السكانية ومن مخاطر ثقافية واجتماعية وسياسية، لاسيما أن هذه القوى العاملة غير الماهرة لا تضيف أي قيمة تذكر إلى الاقتصاد الوطني، بل على العكس فإنها تمثل عبئاً كبيراً عليه. لهذا، فإن تأجيل حل قضية المتاجرة بالبشر التي تحوم الشبهات فيها حول شخصيات نافذة، سيُحمِّل الدولة تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية سلبية كبيرة.أما المثال الثالث، فإنه يتعلق بعلامات الاستفهام الكثيرة التي بدأت توضع على طبيعة الدراسة في بعض الدول العربية والآسيوية ونوعية بعض الشهادات التي يحصل عليها بعض الدارسين هناك. وهي مشكلة موجودة منذ زمن طويل، ولكنها بدأت تبرز علناً هذا العام، الأمر الذي استدعى أن تقوم وزارة التعليم العالي، بالتنسيق مع اللجنة التعليمية في مجلس الأمة، باتخاذ حل مؤقت تمثل في وقف الالتحاق بعدد قليل من الجامعات الخاصة في مصر والبحرين. ولكن هذا الحل المؤقت، لن يقضي على المشكلة الرئيسية، بل إنه سيؤجل انفجارها، لأنه ليس هناك أحد يملك الحق في منع مَن يشاء من البشر في الدراسة على نفقته الخاصة في أي جامعة يختارها، وفي أي دولة من دول العالم. وكان من المفترض، مادامت هذه المشكلة العامة قد أعلنت نفسها، أن يتم التصدي لها، كما ذكرنا في مقال سابق، بشكل جذري من خلال إنشاء هيئة مستقلة للاعتماد الأكاديمي، كما هو معمول به في دول كثيرة في العالم بما فيها بعض دول مجلس التعاون، لأن التأجيل سيضاعف المشكلة وسيجعل حلولها أكثر كلفة.بعد هذه الأمثلة، ألا تتفقون معي أن مصطلح «الإدارة بالتأجيل»، وهو مصطلح سلبي على أي حال، ينطبق «بجدارة» على ممارسات الإدارة الحكومية لدينا؟!