حماس... وشلالات الدم!!

نشر في 07-01-2009
آخر تحديث 07-01-2009 | 00:00
 سعد العجمي إن قادة «حماس» مساءلون أمام الله في دماء الفلسطينيين التي تراق يوميا، وإن كانوا يتحلون بالشجاعة، فإن الشجاعة اليوم ليست في المواجهة غير المتكافئة، بل في تحمل المسؤولية السياسية عبر اتباع القنوات الدبلوماسية.

الشعب الفلسطيني ضحية صراع ساسته وقادة فصائله، وما يحدث اليوم في غزه من قتل للأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ، هو جزء من ذلك الصراع، استغله العدو الصهيوني ليطلق العنان لآلة التدمير لتفتك بغزة وأهلها العزل.

حالة التشرذم العربي، والانشقاق الفلسطيني الداخلي، يدفع ثمنها مستضعفو غزة الآن، وشلالات الدم التي يشهدها القطاع تتحمل «حماس» وقادتها المسؤولية الكاملة أمام الله وأمام التاريخ كمتسبب رئيسي فيها.

أدرك أن هذا الكلام قد لا يروق للكثيرين، وأجزم بأن حديث الهوان والذل و«العمالة» سيقفز إلى الواجهة عند أي طرح من هذا النوع في ظل ثقافة عزف «مزامير» البطولات، والتغني بأمجاد الماضي التي يروج لها بعض الساسة والمثقفين بيننا وبجوارنا.

لنسلم جدلاً أن هناك أنظمة عربية لم تقم بدورها المطلوب، وأن هناك تخاذلاً عربياً تجاه مجازر غزة، فهل ندفع بشعبنا الفلسطيني قرابين لليهود ليكونوا ضحايا ذلك الانقسام والتخاذل العربي؟

يتظاهر آلاف في مختلف أرجاء الوطن العربي ويحرقون الأعلام الإسرائيلية والأميركية، ثم يذهب كل متظاهر منهم لينام في بيته وبين أطفاله، فيما يُسحق أهل غزة بوابل الصواريخ الإسرائيلية، ويهتف المتظاهرون حتى ضد أنظمتهم الحاكمة، ويطالبون بفتح الحدود للجهاد، وفي الصباح كل يذهب إلى عمله ليؤمن رزقه ورزق أسرته، وأنتم يا أهلنا في القطاع تدفعون الثمن من دمائكم ودماء أطفالكم.

قد يقول قائل: «أتستكثر علينا نصرة إخواننا ولو بالتظاهر والهتاف؟» أقول: لا رحم الله من استكثر ذلك عليكم، بل لا سامح الله من لم يشارككم، ولكن ماذا نحن وأنتم فاعلون، غير أننا نوهم «حماس» وقادتها بأن النصر والكرامة العربية سيتحققان على أيديهم، وما إلى ذلك من شعارات تخالف الواقع وتخالف الحقائق، والضحية «عزل غزة»؟!

إن قادة «حماس» مساءلون أمام الله في دماء الفلسطينيين التي تراق يوميا، وإن كانوا يتحلون بالشجاعة، فإن الشجاعة اليوم ليست في المواجهة غير المتكافئة، بل في تحمل المسؤولية السياسية عبر اتباع القنوات الدبلوماسية لوقف المجازر التي يرتكبها العدو، لحقن دماء شعبهم بدلاً من البطولات العنترية على شاشات الفضائيات.

اليوم من يبذل الجهود الدبلوماسية، ومن يرسل المستشفيات المتنقلة لأهالي القطاع هو من ينال الشتائم وتهم التخوين، ومن يسكب الزيت على النار ويدفع بأهل غزة إلى الموت الجماعي وهم في قصورهم الرئاسية أو في مخابئهم تحت الأرض، باتوا هم ضمير الأمة الحي في نظر أنصاف الكتّاب والمثقفين والساسة.

على كل لا نريد من أحد أن يعطينا دروساً في القومية والحس الإسلامي عبر خطابات جوفاء يقولها بعض القادة للسذج والعوام والعلم الإسرائيلي يرفرف على رؤوسهم.

* * *

لكل من صم آذاننا بالمواقف المشرفة لبعض الأطراف غير العربية مما يحدث في غزة الآن، ومن قضايا الأمة بوجه عام، ما عليه إلا قراءة كتاب «حلف المصالح المشتركة» للكاتب الدكتور تريتا بارس، الذي نشرته الدار العربية للعلوم، عله يفيق من غيه وسباته، أو على الأقل يكرمنا بسكوته.

back to top