كثير الكلام... قليل العمل!

نشر في 14-05-2009
آخر تحديث 14-05-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي أمة بني يعرب، هي أكثر أمم الأرض استخداما لبرامج المحادثة في الإنترنت، سواء أكان ذلك عبر برامج «الماسينجر» أو «البال توك» أو «الفيس بوك» أو أي برامج محادثة أخرى.

والمنتديات الحوارية العربية على الشبكة العنكبوتية، هي الأكثر عددا من كل لغات العالم والمشاركون فيها يقدرون بمئات الألوف، والمشاهد العربي هو الأكثر حرصا على متابعة برامج الحوارات والمناظرات السياسية أو الدينية في التلفزيون، ونحن الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي يقضي أبناؤها معظم وقتهم في المقاهي والمجالس والديوانيات لتبادل الهذرة والثرثرة بلا حساب!

ولدينا عشق عظيم للنقاش والجدل إلى ما لا نهاية، نتكلم في كل شيء وفي أي شيء، لأننا نفهم في كل شيء وفي أي شيء، وليس هناك أمة من الأمم على وجه الأرض تجرؤ على منافستنا أو منازعتنا الصدارة في هذا المجال، لأننا ببساطة أكثر شعوب الأرض فراغا، وجهلا، وكسلا، وقلة إنتاج أو إبداع.

وأسهل طريقة تقيس بها تخلف أي بلد هو حساب نسبة "المهذارين" و"الثرثارين" فيه إلى عدد السكان الإجمالي، وفي الحالة العربية الفريدة من نوعها، تقترب النسبة وبكل جدارة من 99.9%!

ونحن في الكويت ما تخلفنا وما تأخرنا إلا حين تحولنا جميعنا إلى محللين سياسيين عباقرة، نقضي وقتنا من الصباح إلى المساء ونحن نتجادل في من هو المخطئ والمقصر في أداء مهامه، أهي الحكومة أم المجلس؟! ومن منهما سبب التأزيم وتأخر التنمية؟! وهل النائب أو الوزيرالفلاني نظيف الذمة أم لا؟! وهل هذا النائب أو ذاك مع الحكومة أم ضدها؟! وهل سيستمر المجلس أم لا؟!... إلخ.

أسئلة نطرحها على أنفسنا وعلى من حولنا كل يوم، ننام ونحن نفكر فيها، ونصحو نردد إجاباتها المكررة، ونتناقش ونتجادل فيما بيننا، ولا نريد لهذا النقاش والجدل أن ينتهي أبدا، لأننا أصبحنا مغرمين ومولعين به ويصعب علينا التوقف عنه، لأننا حين نتوقف عن الجدل والنقاش سنبدأ في العمل، ونحن نكره العمل ونمقته إلى أقصى حد! ولقد تركناه منذ زمن للآخرين، وتفرغنا لأحاديث عقيمة لا تنتهي، ولذلك نراهم يتقدمون ويتطورون ويزدادون علما، فيما نزداد نحن يوما بعد يوم تخلفا وجهلا وفرقة، لأننا نعيش على الدوام في كرنفال الثرثرة الفارغة الذي لم ينتهِ بعد... ولا يبدو أنه سينتهي قريبا!

 

***

إلى كل مستهتر بأرواح البشر، لا يفرق بين قيادة السيارة بجنون في الطرق السريعة، وقيادتها بهداوة داخل المدن والمنازل السكنية، وكأنه لم يخطر على باله أبدا، أن طفلا صغيرا قد يخرج فجأة من المنزل إلى الشارع ليقضي عليه في غمضة عين، أو أن سيارة ترجع إلى الخلف فيصطدم بها ويتسبب بعاهات دائمة لمن فيها.

حاول أن تقوم بهذه التجربة:

اطلب من أي صديق لك أن يمسك بورقة نقدية من طرفها ويتركها مدلاة للأسفل، ثم افتح إصبعي الإبهام والسبابة حول وسط الورقة، ولكن لا تدع إصبعيك يلمسان الورقة، وحين يترك صديقك الورقة النقدية تسقط، حاول أن تضم إصبعيك المحيطين بها في الوقت المناسب، لتمسك بها قبل أن تسقط إلى الأرض.

لقد أفلتت منك... أليس كذلك؟!

هذه التجربة توضح لك أن زمن الاستجابة لدى الشخص العادي، وهو الزمن الذي ينقضي بين صدور التعليمات من العين إلى المخ إلى الأصابع، يبلغ ما يقرب من ثلاثة أرباع الثانية، وهو ما يعني، أنك إن كنت تقود سيارتك في أحد الشوارع بسرعة خمسين كيلومترا في الساعة، وظهر أمامك فجأة طفل يعبر الشارع على بعد عشرة أمتار من السيارة، فمن المؤكد أنك ستصدمه حتى قبل أن تلمس قدمك "فرامل" السيارة!

فهل فهمت يا فهيم، ويا بطل الفورمولا (1)، أنك لا تستطيع السيطرة على زمام الأمور دائما؟! «اركد شوي... ترى الركادة زينة»!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top