كانت لحظة دخوله القاعة مهيبة، اهتزت قدماي من تحتي أثناء التصفيق له وقوفاً، فأخيراً أتيحت لي الفرصة لأن يكون حمد الجوعان جزءاً من ذكرياتي ولو بمجرد حضور ندوة له، إذ لم ألتق به من قبل، وكنت طفلاً عندما كان هو في أوج نشاطه الوطني، ومن كثر انزوائه وابتعاده عن الحياة العامة لم أكن أتوقع أن أقترب منه يوماً بأي مناسبة، واكتفيت بصداقتي بأبنائه وسؤالهم عنه، لذلك لابد أولاً من شكره وأسرته على اتخاذ القرار بالخروج إلى الحياة العامة مجدداً، ولابد من شكر "القبس" على تحقيق ذلك.
عندما كتبت مع الزميل جاسم القامس سلسلة ديوانيات الاثنين التي نشرت في "الجريدة" في فبراير الماضي، تطلبت الكتابة مشاهدة كم هائل من تسجيلات الفيديو لتلك الحركة، فأتيح لنا التعرف على رموزها وعيش أجوائهم آنذاك، وكان لكل منهم "كاراكتر" خاص، فأحمد السعدون قائد طبيعي صاحب كاريزما، ومحمد الرشيد أب حنون ترغب بتقبيل رأسه كلما رأيته، ود. أحمد الخطيب قصصي يرفع سقف الطرح إذا تحدث، وجاسم القطامي عفوي بمداخلاته، وسامي المنيس بسيط يلقي خطاباته جالساً على الأرض ويدعو الحضور على عشاء "ساندويتشات،" وغيرهم كثيرون. ولكن كان هناك اثنان هما ملح الحركة؛ د. أحمد الربعي بـ"نسفة التشريمبة" والابتسامة الواسعة يعانق الجميع، وحمد الجوعان بسيجارته التي لا تفارقه ينثر "ورد الديمقراطية" على المحتفين بالإفراج عن أحمد الشريعان. ما كان للحركة أن تكتمل دون "الشطانة" والمرح اللذين أضفاهما الربعي والجوعان لها، فكانا روحها وشبابها، وكنت أحس بالارتباط بهما أكثر من غيرهما لما كانا يحملانه من طاقة وروح شبابية.أقول ذلك بينما لاتزال كلمات الجوعان التي وجهها إلى الشباب مساء الثلاثاء الماضي بأخذ زمام المبادرة والقيادة والقيام بدورهم الوطني ترن في أذني، وصورته لا تفارق ذهني، وهو لايزال مقعداً بعد 18 عاماً منذ اخترق رصاص الغدر السياسي جسده. لقد جعلتني كلماته وصورته أستحي من كل مرة قلت فيها "سألتفت لنفسي وآخذ راحة هذه السنة" من أي عمل تنظيمي وتطوعي، وذكرتني بالطريق الطويل والوعر المليء بالمخاطر والتضحيات الذي مازال علينا كشباب التيار الوطني سيره، فهذا رجل شل نصف جسده ومازال يعقد الأمل فينا، بينما لانزال عاجزين حتى عن توحيد جهود قائمتين وطنيتين في الجامعة.لقد أطلق حمد الجوعان صرخة بأن هذه الانتخابات فرصة لبداية ترتيب صفوفنا، وأول خطوة فيها هي المشاركة بكثافة واختيار المرشحين أصحاب الطرح الوطني البعيد عن القبلية والطائفية والمال السياسي، لذلك أتمنى من أبناء جيلي الذين يروِّجون ولو بقناعة وحسن نية لفكرة العزوف عن الانتخابات أو التصويت بورقة بيضاء التمعن بحديث وصورة حمد الجوعان، فكل يوم نستيقظ فيه من نوم هانئ خالٍ من الآلام ونقف على أرجلنا ونسير منتصبين بأجسادنا السليمة يجب أن يذكرنا بأن كل ما قمنا به خلال سنوات عملنا الطلابي والوطني القصيرة هو ترف ودلع، مقابل منظر حمد الجوعان وهو يسبح بدمائه عند باب بيته، وما قاساه منذ ذلك اليوم. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
استحيت من حمد الجوعان
14-05-2009