انتخابات الغد هي انتخابات مفصلية، وأهم مفاصلها هو وصول المرأة، فبقية التفاصيل هي تفاصيل عادية. ستأتي وجوه جديدة، وتغيب وجوه، وتنحسر مجموعة سياسية، وتعزز مجموعة سياسية أخرى مواقعها. أما بخصوص المرأة فالمسألة أكبر من مجرد انتخابات. فكيف كنا وكيف أصبحنا؟ في زمن مضى كان تعليم المرأة حراماً، وشيئاً فشيئاً أصبح ضرورة، وفي زمن مضى كان عمل المرأة حراماً وشيئاً فشيئاً أصبح ضرورة، بل إن المرأة العاملة أصبحت مرغوبة أكثر للزواج، فبدخلها تنفق على البيت بينما يتفرغ الزوج للإنفاق على شؤونه الخاصة، وفي زمن مضى كانت قيادة المرأة للسيارة حراماً، وشيئاً فشيئاً صارت ضرورة، فهي من تتولى إيصال الاولاد إلى المدارس، وهي من تتولى قضاء احتياجات المنزل، وفي زمن ليس ببعيد كانت حقوق المرأة السياسية حراماً، تصويتاً وترشيحاً، بل أعلن احدهم ان ذلك القانون لن يمر إلا على جثته، ومر القانون ومازال صاحبنا وجثته حيا يرزق، أطال الله عمره، فها هو يتعامل بواقعية مع ذلك القانون.

Ad

التمييز ضد المرأة هو موقف اجتماعي لا يرى لها دوراً في الحياة العامة، ويتمنى ربما إعدامها، أو حرقها، أو حتى دسها في التراب. أما اليوم وقد غزر البحر، وارتفع السقف، فلا بأس من التكيف، ولا بأس من أن تصوت المرأة أما وصولها فحرام لدى البعض، وغداً بإذن واحد أحد عندما تصل المرأة إلى البرلمان، سيصبح وجودها ضرورة، ليس لحسن أدائها وكفاءتها فحسب، ولكن أيضا لإنهاء حقبة من التمييز آن لها أن تنتهي، وتطوى، ونتعامل مع مكروه جديد يخص المرأة بالذات. أَوَلَمْ يخص قانون الانتخاب المرأة وحدها بالالتزام بالضوابط الشرعية وكأن الرجل غير مطلوب منه الالتزام بتلك الضوابط مثلا؟

ويبقى العنوان الأهم في الديمقراطية هو العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ولا يمكن أن تستقيم العدالة دون تمثيل لجميع شرائح المجتمع، بل انها تصبح ناقصة وقاصرة ان لم يكن لاكثر من نصف الشعب من يمثلهم في البرلمان، وهي الخطوة الاولى نحو توازن حقيقي في المجتمع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء