في بادرة إيجابية غير مسبوقة أقامت أكاديمية الشرطة حفل استقبال لطلبتها المستجدين وسمحت لهم باصطحاب أهاليهم وأصدقائهم، وتخلل الحفل كلمات إيجابية من قياديي الأكاديمية وعرض فيلم تعريفي عن الحياة فيها، وقامت وسائل الإعلام بتغطية الحفل بشكل موسع. خلافاً لـ«الاستقبالات» التي كانت تقام في السابق كالوقوف في الشمس لساعات بهدف تصفية بعض الطلبة، والتفتيش المذل عند الدخول وصيحات الإهانة و«حفلات التنقيع».

Ad

هناك مفاهيم خاطئة دارجة بين العاملين في سلك الشرطة مثل أن الضبط والربط لا يتحققان إلا بتجريد الشرطي من إنسانيته، وأن القوة والصلابة لا تتحققان إلا بالوقاحة وإذلال الناس، وأن إبداء مشاعر الاحترام للناس والأفراد الأقل رتبة يؤدي إلى انتقاص الهيبة، وتترجم هذه المفاهيم في أساليب الضبط والربط والتدريب داخل الأكاديمية، وفي معاملة بعض الضباط لأفرادهم خارجها، والتي تمتد في بعض الأحيان إلى تكليفهم بأداء أغراض شخصية، وبذلك يخرج الشرطي إلى المجتمع مسلوب الإنسانية ومسلحاًَ بكل مفردات الإهانة وفوقية التعامل والعنجهية تجاه الالتزام بالقانون، فنرى احتقار المواطنين وإذلال المقيمين من قبل بعض الشرطة في الشارع والمطار والمخافر والإدارات التابعة لوزارة الداخلية.

لذلك أشيد ببادرة الأكاديمية الإيجابية كونها تساهم في إعادة بعض الإنسانية للشرطي، وآمل أن تتبع بخطوات إصلاحية أخرى كالتركيز على ترسيخ المبادئ الدستورية والإنسانية في مناهج التدريس في الأكاديمية، وواجبات الشرطي تجاه صون نظام الدولة الدستوري وحقوق الناس وكرامتهم، وتوفير الدعم والحماية للشرطي المخلص والملتزم بتلك المبادئ، بدلاً من خروجه إلى الشارع غير ملم بها كما هو دارج، فمصيبة ألا يلم عسكري مؤتمن على أمن الدولة بأن الذات الأميرية مصونة، فيدان بتهمة المساس بها كما حصل في موقع الأمة الإلكتروني العام الماضي «المقصود منتسب للجيش وليس الشرطة ولكن أضرب المثال لإيصال الفكرة»، ومؤسف أن تتوالى أحكام البراءة لمجرمين بسبب بطلان إجراءات الاستيقاف والتفتيش من قبل أفراد الشرطة، ومخجل أن يصرح قياديو الداخلية بجهلهم لتلك الأحكام التي تنقض شرعية أوامرهم بإقامة نقاط التفتيش العشوائية، وكارثة أن تقف دورية شرطة في موقف مخصص للمعاقين أمام أحد المستشفيات (الجريدة 6 أكتوبر).

إن تكريس المفاهيم الاجتماعية والإنسانية الحميدة كأهمية العلاقات الأسرية ودعم الأهل والأصدقاء، والتعبير عن مشاعر الحب والاحترام والإخلاص والعفوية كما حدث في حفل استقبال الأكاديمية مهم جداً، نظراً لطبيعة عمل الشرطي التي تتطلب منه التعامل مع مختلف أنواع الناس في المجتمع. فتحية لمتخذي قرار إقامة الحفل ومنظميه على ثورتهم على تقليد عسكري بائد.

Dessert

تكفينا الخشونة والجفاف «والنفس الشينة» التي يخرج بها أغلب الطلبة من الثانوية تلقائياً، حتى يضاف إليها المزيد في الأكاديمية.