هل كانت الشعوب في حاجة إلى تدمير غزة لتكتشف زيف وتضليل أنظمة حكم عربية بعينها؟ هل كان المواطن العربي في حاجة إلى أكثر من 6 آلاف شهيد وجريح ليدرك كذب وخداع بعض الحكام له؟... بالتأكيد لا، فمنذ وقت طويل وبعض الحكام العرب يقف عاريا أمام شعبه، ولا تفلح أوراق التوت التي يستخدمها بين وقت وآخر في ستر عوراته وأخطائه.

Ad

ولم تنجح مقالات المستكتبين من جوقة المصفقين وضاربي الدفوف في إلباس هؤلاء الحكام ثوب الحكمة والشجاعة، وأصبحت أحاديثهم وتصريحاتهم مادة للتندر والسخرية، بعد أن أضاعوا كل هيبة، وفقدوا كل حكمة... فلماذا يا حكامنا؟ لماذا تفعلون بأنفسكم ما لا نرضاه لكم؟ ومن أجل ماذا؟

صرح السيد محمود عباس «لا نريد المقاومة إذا كانت ستؤدي إلى تدمير غزة»... هكذا بلا لفّ ولا دوران صريحة واضحة لا نريد المقاومة... أما فعل الشرط الذي زاده في آخر عبارته فقد جاء ذراً للرماد في العيون، فهل لنا أن نتساءل: منذ متى كان السيد عباس يفكر في غزة؟ هل كان يبكي عليها عندما ألغى الحكومة الشرعية؟! هل كان مهتما بها حين تآمر على حركة «حماس» المنتخبة من الشعب الفلسطيني؟! بالتأكيد لا... فما يهم السيد عباس هو إلغاء المقاومة كفكر لأنه يتعارض مع فكر التسوية الذليلة والتطبيع المهين السائد في المنطقة. ونسي السيد عباس أنه رئيس حركة «فتح» التي أعلنت نفسها منذ أكثر من 4 عقود كحركة تحرر وطني... كما أن كلمة «فتح» يا سيد عباس- إن كنت قد نسيت- تعني حركة تحرير فلسطين... فبالله عليك كيف تكون رئيسا لحركة تحرير وترفض فكر المقاومة؟!

أما النظام المصري الذي أعلن أثناء أزمة غزة أنه يرفض سفر الأطباء المصريين انطلاقا من واجبه في حماية الرعايا المصريين في الخارج لأن الوضع غير آمن! وهنا نتساءل أيضاً: الآن فقط تذكّر النظام بأن له رعايا في الخارج وأنه مسؤول عنهم؟!

لن أقول: أين اهتمامك ببقية رعاياك في بلاد الله الواسعة؟ ولكن ألم يكن أولى بك أن تهتم برعاياك في الداخل؟ ألم يكن أجدر بك أن تحمي رعايا الداخل من الفاسدين والمفسدين الذين استباحوا كل شيء لتحقيق أطماعهم قبل أن تطلق هذه الدعابة! وبالمناسبة نلفت نظر النظام إلى أن إسرائيل، أثناء غاراتها المتواصلة على الشريط الحدودي، أصابت عددا من «الرعايا المصريين» كذلك فماذا أنت فاعل يا نظامنا العزيز؟!

لقد أقمت الدنيا وسيَّرت المظاهرات لاستشهاد مصري- وهو حدث كبير لا شك- أثناء مظاهرات غضب للفلسطينيين على الشريط الحدودي أيضا... فماذا أنت فاعل الآن؟! فهل اعتُبر الضابط المصري الذي استشهد منذ أسبوعين من رعاياك... بينما اعتُبر المصريان المصابان نتيجة غارات إسرائيل من رعايا دولة أخرى؟ أم ماذا؟!

وفي خضم تلك الأحداث، انهالت علينا فتاوى شديدة الغرابة بعضها يقول: «إن المظاهرات التي تخرج تأييداً للفلسطينيين حرام شرعا ولا لزوم لها»... وهنا يحق لنا أن نتساءل: كيف يمكننا أن نصنِّف مثل هذه الفتاوى... أهي فتاوى دينية أم سياسية؟ وماذا لو خرجت المظاهرات تأييداً لحاكم هنا وملك هناك... فهل ستجوز شرعا آنذاك؟!