خذ وخل: بس خلاص... فرمانات قراقوشية

نشر في 03-05-2009
آخر تحديث 03-05-2009 | 00:01
 سليمان الفهد • يقول «توماس جيفرسون» الرئيس الأميركي الراحل: «إذا خيرت بين وجود حكومة بدون صحافة، أو صحافة بدون حكومة، لاخترت الثانية بلا أدنى تردد!» وإذا كانت هذه المقولة صحيحة قطعيا في أيام الرئيس «جيفرسون»، فإنها باتت في الألفية الثالثة، ضرورة حياتية لا يجادل فيها سوى الأنظمة الشمولية القمعية!

حسبنا تأكيدا للمقولة «التوماسية» السالفة الذكر التذكير بأن الكويت المحتلة جابهت محنة الاحتلال في ظل غياب الحكومة الرشيدة، لكن الصحافة كانت حاضرة بشدة إلى حد أثار حفيظة المحتلين وعربدتهم الإجرامية، فكان من أوائل «الفرمانات» التي أصدروها هي إعدام كل من يكون بحوزته كاميرا، وآلة كاتبة وجهاز تسجيل، وطباعة الاستنساخ، أو كل ما يعين على إصدار صحافة الصمود والمقاومة.

أقول ذلك كله بمناسبة القرارات التعسفية والتصريحات الوزارية الاستفزازية التي طلّ بها علينا وزيرا الإعلام والداخلية، فضلا عن إدارة الجامعة القمعية!

ذلك أن تصريحات معالي الوزيرين: تعد من قبيل تحصيل الحاصل؛ التي لا معنى إلى إشهارها، مدججة بعبارات التهديد والوعيد وغيرهما! اللهم إلا إذا كان الوزيران يرومان إثارة ردود فعل غاضبة من قبل الصحافة والمرشحين لسبب أو لآخر!! ولا أظن أن سمعة البلاد وصيتها في مجال الحريات وحقوق الإنسان يحتاجان إلى تصريحاتهما الاستفزازية المتشنجة؛ ما دام القانون يغني عن اللعلعة بالمواويل النشاز!

• لست من المغرمين صبابة: بممارسة صحافة التلاسن؛ المتكئ على أدب الهجاء المقذع؛ المتبدي في «أدب الردح»؛ الحاضر في الصحافة المرئية، والمقروءة، والمسموعة في ندوات المرشحين! لكن لفت نظري: أن مرشحة في دائرتنا؛ اختارت عبارة سمجة ملتبسة، طافحة بالفجاجة، لتكون شعاراً يختزل رؤيتها للفعل البرلماني المأمول: «بس خلاص» هو بيرقها الدال عليها! لكنه لسوء حظنا وحظها: لا يشي بشيء ذي دلالة ومعنى! بل إنه يثير البلبلة، ويمكن أن يقرأه كل ناخب بمعنى مغاير! وهو ليس في مصلحة المرشح بالضرورة. فالعبد لله «زاتو» حين بحلق فيه مليا؛ تداعى إلى ذاكرته طيب الذكر «سي شعبولا: شعبان عبدالرحيم» الذي ألِفَ أن ينهي أغنياته الشعبية «الحلمنتيشية: بقولة: «بس خلاص!» وأخشى ما أخشاه هو: أن يسمع صاحبنا بأن مواطنة كويتية «سطت» على حقوقه الفكرية؛ بدون أن تستأذنه وتطلب موافقته المكتوبة الموثقة! وكان الأجدى لها ولنا؛ لو أنها طلبت من الشاعر «إسلام خليل» المؤلف الملاكي الخاص به تدبيج أغنية مفصلة على قد مواصفات المرشحة للتواصل مع الناخبين «بس خلاص»... راحت الخمسين دينارا كرمى لديمقراطية الاقتراع والترشيح والاتصال... ولو على طريقة شعبولا! أييييييييه.. هاذي الكويت صل على النبي!

• قرار إدارة جامعة الكويت وضواحيها بشأن منع الندوات الانتخابية غير مبرر، ويثير العجب العجاب! فهو: يصادر حق الجامعة ودورها في التلاحم والتواصل مع قضايا المجتمع وهمومه. وإدارة الجامعة تعرف هذه المسلمات، وأزيد منها، لكنها اختارت- لسبب أجهله- أن تكون مخفرا قمعيا لا يليق بالأساتذة، ولا الطالبات والطلاب، لأن حرم الجامعة ليس مجرد فضاء لتلقين المقررات وتفريخ طوابير من حملة الشهادات الذين يعتبرون السياسة رجسا من عمل الشيطان المسكون خلقة بالحيوان السياسي!

سقى الله أيام «ثانوية الشويخ» في عقدي الخمسينيات والستينيات، حين كانت- وهي مجرد ثانوية لا جامعة- منارة إشعاع يضيء فضاء البلاد بالمعرفة والثقافة، عبر مواسمها الثقافية التي حاضر فيها: كوكبة أعلام الفكر والثقافة والسياسة والفنون والآداب، وكانت البلاد- آنذاك- مشيخة لا دولة مؤسسات!

من هنا يبدو قرار إدارة الجامعة متعسفا جدا، وينطوي على ردة بكل تجلياتها السلبية البغيضية، فإذا كانت الثانوية، منذ خمسين سنة منفتحة ومستنيرة ومضيئة، فكيف تتقزم الجامعة في الألفية الميلادية الثالثة لتكون مجرد جادة إلى الدرجة الرابعة؟!

back to top