للأسف... الفرق واضح *

نشر في 13-03-2009
آخر تحديث 13-03-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي صباح يوم الجمعة الماضي شاهدت فيلماً أجنبياً يتوجه الناس في أحد مشاهده لأداء الصلاة في الكنيسة، كان المشهد جميلاً وراقياً للغاية، فالرجال تهندموا ولبسوا بدلهم الرسمية، وأحسنوا اختيار ربطات العنق، ووضع كل واحد منهم وردة في جيب جاكيته، فيما تزينت النساء ولبسن لباساً محتشماً وصفّفن شعورهن بطريقة جميلة.

مدخل الكنيسة كان منظره بديعاً، فهو يطل على حديقة مليئة بالزهور المنمقة والمصفوفة بشكل رائع وجميل في الداخل، جلس الحضور بهدوء على مقاعد أنيقة هادئين منصتين للواعظ الذي حدثهم عن الحب ومغفرة الله الكبيرة ورحمته التي تسع جميع خلقه، ثم أوصاهم باللجوء إلى ربهم وطلب العون منه دائما، وقال إن راحة الروح تكون في العمل الطيب والحب الحقيقي المستمد من حب الربّ لعباده.

الأطفال كانت الابتسامة تعلو وجوههم حين قدّم لهم الواعظ الحلوى وهو يمازحهم، ثم وهو يصافحهم فرداً فرداً عند مغادرتهم الكنيسة، الحقيقة أن ملامح الحضور جميعاً كانت مرتاحة، وتعكس راحة النفوس بعد أداء الصلاة، حيث ذهب الجميع إلى بيوتهم لتجتمع الأسرة هناك بكل أفرادها!

بعد ساعات، ذهبت لأداء صلاة الجمعة في المسجد وكان مشهداً مختلفاً تماماً!! فالسيارات تقف بشكل فوضوي، والوجوه مكشّرة و«معتفسة»، وساحة المسجد مليئة بالأتربة والقصاصات الورقية، ومدخل المسجد لا تستطيع رؤية أرضيته لأن الأحذية المغبرة والقذرة افترشت الأرض فوق بعضها!

في الداخل «كتمة وخنقة» وزحام، والناس كأنهم حشروا في علبة «سردين»، كل منهم يسد الطريق على الآخر، ولا أحد «له خلق» للثاني، وبعض المصلين حضر بـ«بيجامات» النوم، وروائح العرق والبصل والثوم تأتيك من كل جانب، والحضور نصفهم نائم أو يكاد، والنصف الثاني لا يتوقف عن الكحة أو الهرش!

دخل خطيب المسجد، وألقى السلام، ثم شرع بالخطبة، فتحدث- جزاه الله خيراً- عن الموت، وعذاب القبر، وعذاب جهنم، عدا «شوية» عن الجنة، لكنه عاد سريعاً للتهديد والوعيد بالنار التي تنتظرنا، نحن- المؤمنين المصلين- في بيت من بيوت الله!

لم أجد مكاناً فبقيت واقفاً، وخلفي كان بعض العمال «يهذرون»، وأمامي فراغات يصعب الوصول إليها، وإلى جانبي، وقف بعض الذين لم يجدوا لهم مكانا مثلي، منتظرين بفارغ الصبر الخطيب لينهي خطبته وإقامة الصلاة ليهجموا هجمة رجل واحد، و«ينحشروا» بين الناس!

انتهت الخطبة على خير، فأقام المؤذن الصلاة، وبدأ الناس يتسابقون للصفوف الأولى، وما إن قال الإمام «استووا... اعتدلوا» حتى نظرت خلفي، فلم أجد أحداً ينتظر ممن كانوا واقفين، فعجبت لمَ كنا ننتظر خارجاً وفي المكان متسع للجميع!

سلّم الإمام، فهجم من كانوا في الصفوف الأولى يتخطون الرؤوس، وكأنهم في سباق لقفز الحواجز، يستعجلون الخروج برقم قياسي! وعند الباب «خنقة»، والناس متراصة والحركة بطيئة، وكل واحد منهم يبحث عن فردة حذائه المفقودة، والمحظوظ من يجد فردتي حذائه بجانب بعضهما!

بعد أن خرج المصلون من باب المسجد، وجدوا في انتظارهم زحاماً آخر، فباعة «المساويك والفنايل والسراويل والمسابيح والدلاغات» افترشوا الأرض قريبا من الباب الخارجي ليتصيدوا الزبائن!

في مواقف السيارات، الفوضى لا توصف، هذا يقف خلف ذاك، وذاك يقف خلف هذا، وكل منهم ينتظر تشريف من قد «صفط» خلفه، والذي لابد أنه الآن- جزاه الله خيرا- «يتسنن» أو يستمع لفتاوى الشيخ، والكل يريد أن يغادر المكان بفارغ الصبر، وكأنما أجبروا على الذهاب للصلاة إجباراً!

الفارق بين أهل الكنيسة وأهل المسجد، فارق واضح في مفهوم العبادة وفي المستوى الأخلاقي والثقافي مع الأسف الشديد!

***

* المقال مقتبس من إيميل لأحد الأصدقاء... نقلته بتصرف.

back to top