Ad

يعتبر فيلم «مسجون ترانزيت» للمخرجة ساندرا نشأت من أنجح أفلام التشويق لعام 2008 إلى جانب «نقطة رجوع» و«كامب»، على الرغم من أن الأفلام الثلاثة لم تخل من نقاط ضعف على أكثر من مستوى.

تركز مخرجة «مسجون ترانزيت» على نوع محدد من الأفلام راهناً منذ نجاح فيلمها «ملاكي إسكندرية»، الذي لقي استحساناً ملحوظاً لتقنيته الناضجة وإيقاعه المحكم وصورته المصقولة الأخاذة، على الرغم من تقليدية المواضيع التي تسود هذا النوع من الأفلام عموماً.

بطل الفيلم هو أحمد عز في أول أداء يقدمه كممثل متمكن، والنص

لـ وائل عبد الله، في تكرار لمؤلف وبطل «الشبح « و«الرهينة» سابقاً.

بدأت ساندرا مشوارها السينمائي بفيلم طابعه إنساني رقيق وجذاب هو «مبروك وبلبل»، ثم قدمت محاولات ناجحة في الكوميديا كما في «حرامية في كي.جي.تو» وهي تقدم الآن سينما التشويق والحركة بالاقتدار نفسه.

تدور أحداث «مسجون ترانزيت» حول علي الدقاق اللص الماهر في فتح الخزائن...يقترف عملية سرقة خطرة (يبدأ بها الفيلم) تنتهي باضطراره إلى القتل، يُحكم عليه بالسجن المؤبد، قبل أن يطلب منه العميد شوقي (نور الشريف)على طريقة رأفت الهجان أن يقتل جاسوساً إسرائيلياً في سبيل مصر في مقابل إنقاذه الكامل من السجن. يقبل الدقاق الصفقة، ويكافأ بعدها على نجاح العملية بمبلغ من المال وبعمل في الكويت تحت اسم آخر، خصوصاً بعد الإعلان عن وفاته كجزء من الترتيب ليصبح بعدها ونهائياً عبد الرحمن .

ما إن يستقر الدقاق، أو عبد الرحمن، وينجح في عمله ويصبح مالكاً لمعرض سيارات ورب عائلة صغيرة تضم زوجته نيفين (إيمان العاصي) وطفلهما، حتى يظهر في حياته فجأة، العميد شوقي، بعد غياب سنوات، وما إن يناديه بتلك الرتبة حتى يقول له مصححاً: «العميد أصبح لواء»، فيطلب منه القيام بعملية ثانية، لكنها هذه المرة تطاول عضواً في مجلس الشعب له صلة بـ «الإرهاب» ولديه أوراق مهمة «في الخازنة» بل خطيرة ومطلوبة لـ «البلد».

يرفض الدقاق حفاظاً على عائلته وعمله وحياته الجديدة، فيضغط عليه اللواء شوقي ويظل يطارده إلى أن يضطره أخيراً إلى القبول، وسط شكوك زوجته واستغرابها لكثير من الأمور التي لا تجد لها تفسيراً. بتورطه في تنفيذ العملية بتداعياتها وتعقيدها، يجد نفسه فقد طفله الذي قدم الفيلم موته في أكثر أجزائه قسوة.

لكن المفاجأة التي تتضح قرب النهاية هي أن شوقي ليس إلا نصاباً محترفاً، ينتحل شخصية عميد أو لواء في الداخلية واسمه الحقيقي عادل عرابي.

قد لا يستطيع المشاهد أن يتعاطف مع بطل الفيلم حينما يرفض بإصرار ولأسباب شخصية ومنذ اللحظة الأولى التضحية مجدداً في سبيل الوطن، والتي طُلبت منه بإلحاح وكضرورة، خصوصاً أنه قبل مبدأ التضحيات الوطنية بداية، وبطبيعة الحال لم يكن المتفرج يعلم أن من يطلب منه ذلك هو مجرد نصاب، وتظل المشكلة أن بطلنا لم يكن يعلم أيضاً!

تؤكد ساندرا في «مسجون ترانزيت» كفاءتها في إدارة الفنانين والفنيين، ومن أكثرهم تميزاً المصور نزار شاكر والمونتير أحمد حافظ والموسيقي طارق الناصر.

وفِّق أحمد عز بدوره على نحو مرض، لكن من دون أن يشكِّل له نقلة جديدة مميزة في مشواره، أما الفنان نور الشريف فقدم معظم مشاهده بتألق و»مزاج هادئ» ربما لم نعثر على حالة مماثلة في «ليلة البيبي دول» الذي يعرض في الوقت نفسه، أما إيمان العاصي فبدأت من خلال دورها مشوارها السينمائي، وهي ليست نجمة من نجمات المستقبل، فحسب، لتمتعها بوجه بريء وجمال طلة، إنما ممثلة موهوبة قادرة على التعبير بملامح وتعبيرات الوجه الدقيقة والتحكم بنبرات الصوت، وهي من الملامح التي لها تواصل خاص مع الكاميرا ومن ثم الجمهور.