Ad

إن الذنب الأساسي الذي لا يغتفر للسيد حسن نصر الله ومن معه من المجاهدين أنهم ليس فقط «تجرؤوا» على محاربة إسرائيل في زمن «التسليم» بوجودها كضرورة لابد منها من قبل تلك الطبقة، بل الانتصار عليها وأي انتصار؟! نعم الانتصار عليها كما لم ينتصر عليها أحد من قبل.

من حق الذين سودوا عشرات الصفحات البيضاء والنقية من الصحف خلال الأيام القليلة الماضية بالشتائم والسباب والتهم الملفقة وكل أنواع الكلام البذيء بحق «حزب الله» اللبناني وسيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، أن يصدموا بل يصعقوا بعد أن قبل «رعاتهم» الجلوس إلى طاولة الحوار المباشر مع هذا الحزب والاعتراف به كطرف أساسي في صناعة مستقبل جديد للبنان!

ذلك لأن الخطة المعدة منذ نحو سنوات كانت تقضي كما كشف الموساد الإسرائيلي، القضاء على رأس الحزب ومن ثم الإجهاز على جسمه بعد تفكيك سلاح الإشارة فيه، بالتعاون مع أطراف لبنانية محلية أمنية وغير أمنية كما كشف زئيفي فركش رئيس الموساد الأسبق!

لكن ذلك السعي الدؤوب كله ذهب في مهب الريح في ليلة واحدة كما قال فركش! فهل سأل أحدنا نفسه: ما الذنب الكبير الذي ارتكبه «حزب الله» حتى يتم التعامل معه من قبل بعض الطبقة السياسية والإعلامية «الطافية على السطح» بفعل البترو دولار، بهذا القدر الكبير من الحقد واللغة الهابطة التي لم تشهدها «أمة» تعاملت مع خصومها السياسيين يوما كما يحصل اليوم في بلادنا؟!

إن الذنب الأساسي الذي لا يغتفر للسيد حسن نصر الله ومن معه من المجاهدين أنهم ليس فقط «تجرؤوا» على محاربة إسرائيل في زمن «التسليم» بوجودها كضرورة لابد منها من قبل تلك الطبقة، بل الانتصار عليها وأي انتصار، نعم الانتصار عليها كما لم ينتصر عليها أحد من قبل، وليس نصر الله سوى فلاح ابن فلاح لبناني فقير لا ينتمي إلى عوائل البيكوات من رجالات الإقطاع السياسي المعروفة التي اعتادت أن تعلم أولادها، وحاولت أن تعمم ذلك كثقافة عامة للبنانيين، بأن «قوة لبنان في ضعفه»!

هذا الانتصار الذي يصر نصرالله أن ينعته دوما بالانتصار الإلهي كلما تحدث عنه، كان ولايزال يؤرق حياة هذه الطبقة المنغمسة بالمال والألقاب ومعاشرة الذئاب!

ولذلك فمن حق هذه الطبقة أن تغضب وتحنق اليوم أكثر من أي وقت مضى بعد أن تمكن نصر الله ليس فقط من الخروج سالما غانما من مخطط التصفية الذي كان قد أعد له في تلك الليلة الظلماء، بل أن يكرس ذلك الانتصار في إجبار خصومه من الجلوس إليه متحلقين حول طاولة واحدة للحوار هدفها إشاعة ثقافة العيش المشترك والحياة الكريمة للبنانيين وتقاسم الزيت والرغيف مع الفقراء، وليس إشاعة «ثقافة الموت» كما كانوا يتهمونه ومن معه من محبي الحياة العزيزة الكريمة!

للبنانيين جميعا نقول هنيئا لكم أنكم تمكنتم من تجاوز محنة مخطط التدمير والتفتيت الشامل كما كان يتمنى للبنانكم تجار الحروب والفتن الطائفية والمذهبية المتنقلة!

ولتلك الطبقة الغافلة أو المتغافلة ممن استدرجت أو تطوعت لشن الحروب الصفراء على «حزب الله» وسيد المقاومة نقول: موتوا بغيظكم فالسيد لم يصلب على خشبتكم بل «شبه لكم»!

وأما للمجاهدين وسيدهم الذي تجرأ على العدو وانتصر عليه أكثر من مرة بفضل الجمع بين ملكتي الحزم والحكمة نقول: «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى»، «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين»!

وإذا كانت عيون العامة من اللبنانيين مشدودة اليوم إلى دوحة الحوار لعلها تخرجهم من مأزق احتراب السياسيين حول أسهم المحاصصة وتقاسم السلطة والمال والألقاب في إطار صيغة متجددة للعيش المشترك بعيدا عن مخطط الأعداء، فإن عيون المجاهدين وأفئدتهم- وسيدهم معهم- مشدودة إلى ما وراء الحدود المصطنعة، حيث أرض الرباط منتظرين بقوة الجهاد يوم الخلاص الأكبر، حيث وعد الآخرة، وهو الوعد الصادق بحتمية زوال الدولة العنصرية المقيتة التي أقامت بنيانها على أرض الآخرين وحقوقهم من أهلنا الفلسطينيين، الذين يتوقون ليوم العودة رغم أنف الحاقدين والمتطاولين الأقزام من بقايا النازية والفاشية ونظام التمييز العنصري البغيض!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني