ما هو سر نجاح المنتديات الثقافية في هذا الزمن؟ أهي الأصالة أم العولمة أم الاثنتان معا؟

Ad

«مبدعون» جمعتهم مدينة أصيلة المغربية قبل عدة أيام... وجمعهم متذوق الفن والإبداع السيد محمد بن عيسى وزير خارجية المغرب السابق وأمين عام منتدى أصيلة الثقافي، للمشاركة في التظاهرة الثقافية «العالمية» السنوية، في مدينة ساحلية بشمال المغرب، للاحتفال ببلوغ المهرجان عامه الثلاثين، ومجلة «العربي» عامها الخمسين معا. فانطلقت البرامج المتنوعة في شتى الاتجاهات، بدأت بالحوار السياسي بالتعاون مع جامعة المعتمد بن عباد، والإبداع الفني بالتعاون مع فنّاني المغرب... وتنافست الندوات في مناقشة شتى المواضيع... حضرناها كزوار متجوّلين بين الفنون الشعبية المكسيكية، والأعمال اليدوية الإفريقية.

وفي «قصر الثقافة» بقلب أصيلة، أحاطتنا أعمال المبدعين في تصميم الأزياء، وأبرزهم سعيد معروف، المغربي الأصل والهولندي الجنسية المبدع في مجال الموضة، والمصممة الفنية خديجة القباج، ومحمد الزكاف وأنغامه الصوفية الرائعة ومشاغل فنون الحفر والرسم.

وجذبتنا أجمل المنتديات السياسية، كما جذبت غيرنا من متذوقي «الفنون السياسية»، وهي ندوة عن تحالف الحضارات في الفضاء المشرقي الإفريقي، ودراسة قدرة الشعوب على المساهمة في تفعيل التحالف والاندماج في عولمة حوار الثقافات، كسبيل لإقامة تفاهم حقيقي بين الشعوب، قدمها الرئيس أحمد تيجان كبه الرئيس السابق لسيراليون والأمير سلمان بن عبد العزيز، وحضرها العديد من المفكرين من شتى دول العالم من باكستان وتشاد وكوت دي فوار والرأس الأخضر والمغرب وجزر القمر، وغيرها من الدول.

وتعاقبت الفعاليات من ندوة حوارية بعنوان «إفريقيا والمصادفة»... لفيليب لابورث طولرا المتخصص في الدراسات الإفريقية، والذي يكرر دائما أنه في إفريقيا لا وجود للمصادفة... وحوار حول رواية «الفواكه الحلوة لشجرة الخبز» التي كتبها الكاتب المسرحي والشاعر تشيكايا أوتامسي في الثمانينيات، والذي خصص المنتدى جائزة باسمة تخليدا لذكراه، وأخرى باسم محمد زفزاف للرواية العربية، وتحكي القصة أن غياب المصادفة يتحكم في سلوكيات الحياة، وقد شارك فيها أمين عام المنتدى وأساتذة وباحثون من المغرب وفرنسا والكونغو.

وشهدت «أصيلة» حشدا من المثقفين والمهتمين بالشأن الإفريقي، الذين شاركوا في ندوة «إصلاح الأمم المتحدة ومستقبل التعاون جنوب-جنوب»، بالتعاون مع تجمع «دول الساحل والصحراء»، واستعرضت مشاريع التنمية في دول الجنوب وإصلاح الأمم المتحدة بحضور كوفي عنان.

وجاء دور الخليجيين وأهل المغرب العربي، مشاركين في ندوة «النخب والسلطة والديمقراطية في الوطن العربي»، التي ناقشت الساحة العربية والتطورات السياسية والاقتصادية، وخصائص المسار الديمقراطي، وانفتاح مفاهيم جديدة في حقوق الإنسان والحريات في ظل عولمة الاعلام وعلوم الاتصال الحديث.

وشارك في الندوة المبدعة في مجال التراث والتاريخ الشيخة مي الخليفة، ونخبة من أعضاء مجلس الشورى البحريني، منهم ضياء الموسوي وبهية الجشي وسميرة رجب، إلى جانب وزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر، ومن الإمارات أستاذة التاريخ فاطمة الصايغ ومن الكويت عبدالرضا أسيري وسليمان العسكري وعبدالله الشايجي وكاتبة هذا المقال.

ولم ينته ِالمهرجان بعد... ففي أصيلة ليس للثقافة تاريخ انتهاء.

كلمة أخيرة:

«أصيلة» منتدى ثقافي يستحق الدعم، وأتمنى أن يكون لدينا في كل بلد عربي «أصيلة»... وشكرا لـ«سي محمد» على «كبسولة الثقافة» السنوية التي تجرعناها هذا العام، وعدنا إلى أوطاننا... ونتمنى أن يكون لكل بلد عربي مهرجانات أصيلة وللثقافة قصور.