من يطلع على العناوين الرئيسية للصفحات الاولى لصحفنا الـ14 يوم الاربعاء الماضي، وهو اليوم الذي القى فيه صاحب السمو الامير خطابه معلنا قراره حل مجلس الامة والدعوة الى انتخابات مبكرة خلال شهرين، لابد ان يكتشف عمق الازمة.

Ad

فعلى الرغم من ان كل صحيفة لديها علاقاتها، ومصادرها العليمة، والمطلعة، فإنها لم تستطع أن تتوقع القرار بهذه الصورة، إذ كانت تتوقع فقط حلا دستوريا، فلا حل غير دستوري، ولا تعيين لرئيس وزراء جديد، ولا دمج لولاية العهد برئاسة الوزراء، فقط حل دستوري بموجب المادة 107 من الدستور، عدا ذلك فكل ما قيل ويقال لا يعدو كونه تكهنات، وهو مؤجل، وفي علم الغيب.

ولعلي هنا أعذر الصحف، فقد كانت قرارات خطيرة بهذا المستوى تتغير على مدار الساعة، ولاشك في ان وضعا كهذا يتطلب ربما ساحرا و«شوية بخور» لكي يتوقع ما سيتم، ولا أظن ان لدى صحافتنا تلك القدرات، فهي تتبع الخبر من مصادر موثوقة، فما بالك إن كانت تلك المصادر المقربة لا تستطيع المتابعة.

وفي نهاية الامر انحاز صاحب السمو امير البلاد، حفظه الله، بحكمته المعهودة الى جانب الدستور، وجنب البلاد والعباد الدخول في نفق مظلم.

وبما أننا قد عشنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية حكاية «طاح مرزوق... طاح»، وأصر بعض النواب والحكومة على أن يعيشونا معهم حالة القلق والتوتر والغموض. وهي تبدو مشكلة متأصلة، فإن حلها لن يكون من خلال حل مجلس او انتخابات مبكرة، وبالتأكيد لن يكون حلها من خلال الانقلاب على الدستور.

ولعل قراءة متأنية لخطاب حضرة صاحب السمو تدل على ان سياقه الحاد تجاه ممارسات بعض النواب، لا يمكن له ان ينتهي بالدعوة الى انتخابات مبكرة، بل ان تحليلا مضمونا ودقيقا له يشير في اتجاه اننا كنا قاب قوسين او ادنى من حل غير دستوري، وكأن عبارة الحل الدستوري قد تمت اضافتها لاحقا وحلت محل اجراء آخر والله أعلم.

ها نحن سندخل مجددا انتخابات جديدة، هي انتخابات ليست كالانتخابات، فاقدة اللون والطعم والرائحة، والطاقة والحماس، ولن استغرب قلة المشاركة، كما انني لن استغرب كثرة عدد المعتذرين عن خوض الانتخابات.

الأزمة أكثر عمقا، وهي بحاجة الى معالجات اكثر جذرية، ومسؤولية اكبر من كل الاطراف، ولن يكون ما يحدث الآن إلا تأجيلا لانفجارها لاحقا... وحينها «سيطيح مرزوق...» والبلد كلها معاه.